ولأن كونه مملوكاً قابلاً للنقل عند تمليكه شرطٌ للصحة، وذلك غير حاصلٍ فيما بيع أو وهب عند الموت.
وأما كون رهنه رجوعاً؛ فلأن الرهن يراد للبيع. أشبه ما لو باعه.
ولأن الوصية نقلٌ للملك عند الموت، وذلك يعتمد القابلية له، والقابلية للنقل غير موجودة فيما رهنه. بدليل: أنه لو باع المرهون لم يصح.
وأما كون كتابته رجوعاً على وجهٍ؛ فلأنها بيعٌ. أشبهت البيع.
وأما كونها لا تكون رجوعاً على وجهٍ؛ فلأن المكاتب عبدٌ ما بقي عليه درهم.
وأما كون تدبيره رجوعاً على وجهٍ؛ فلأن تدبيره أقوى من الوصية به؛ لأنه يتنجز بالموت. بخلاف الوصية فإنها تفتقر إلى القبول. والوصية به في بعض الصور رجوع. فما هو أقوى منها أولى.
وأما كونه لا يكون رجوعاً على وجهٍ؛ فلأنه لا ينقل الملك. أشبه ما لو لم يدبره.
وأما كون جحود الوصية رجوعاً على وجهٍ؛ فلأن الجحود يدل على أنه لا يريد إيصاله إلى الموصى له.
وأما كونه لا يكون رجوعاً؛ فلأن ذلك لا يزيل ملكه. أشبه ما لو أجّره.
قال: (وإن خلطه بغيره على وجهٍ لا يتميز، أو أزال اسمه فطحن الحنطة أو خبز الدقيق، أو جعل الخبز فتيتاً، أو نسج الغزل، أو نجّر الخشبة باباً ونحوه، أو انهدمت الدار، أو أزال اسمها: فقال القاضي: هو رجوع. وذكر أبو الخطاب: فيه وجهين.
وإن وصى له بقفيزٍ من صَبُرَةٍ، ثم خلط الصبرة بأخرى: لم يكن رجوعاً).
أما كون ما ذكر غير خلط الصبرة رجوعاً على قول القاضي؛ فلأن الخلط المذكور جَعَله على وجهٍ لا يمكن تسليمه، وإزالة الاسم أخرجته عن دخوله في الاسم الدالّ على الموصى به.
وأما كونه على وجهين على ما ذكر أبو الخطاب؛ فلأن دليل الرجوع وعدمه موجودان فيه: أما الرجوع؛ فلما تقدم. وأما عدمه؛ فلأن الموصى به باقٍ.