فنكسّ القوم رؤوسهم. فقال أبو هريرة: ما لي أراكمْ عنها مُعرضين؟ والله لأرمينها بينَ أكتافِكُم» (?) متفق عليه.

ولأنه انتفاع لا يضر بالمالك فلم يمنع منه كالاستظلال بحائطه والجلوس في ضوء مصباحه.

فإن قيل: ما معنى قول أبي هريرة: «لأرمينها بين أكتافكم».

قيل معناه: لأضعن هذه السنة بين أكتافكم ولأحملنكم على العمل بها.

وقيل معناه: لأكلفنكم ذلك ولأضعن جذوع الجيران على أكتافكم ضرباً للمثل وقصداً للمبالغة.

وأما قول المصنف رحمه الله: بأن لا يمكنه التسقيف إلا به فتفسير للضرورة المشترطة عنده. وظاهره أنه لا فرق بين من كان له حائط واحد أو حائطان. وصرح به في المغني، وحكى فيه عن القاضي وأبي الخطاب: ليس هذا في كلام أحمد، وعلل ما ذهب إليه بأنه قد يمتنع عليه التسقيف على حائطين لكون البيت واسعاً لا يصل إليه الخشب. وإنما اشترطت الضرورة؛ لأن مقتضى الدليل عدم جواز الانتفاع بملك الغير بغير إذنه. ترك العمل به عند الضرورة للضرورة فيجب أن يبقى فيما عداه على مقتضاه. ولا بد أن يلحظ أنه لا ضرر في ذلك فإن كان يضر بأن يهدم الحائط أو يضعفه لم يكن له ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ضرر ولا إضرار» (?) رواه مالك وابن ماجة والدارقطني.

فإن قيل: حديث أبي هريرة مطلق فلم اشترط ما ذكر من الضرورة وعدم الضرر؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015