فصل [في البيع أثناء النداء]
قال المصنف رحمه الله: (ولا يصح البيع ممن تلزمه الجمعة بعد ندائها، ويصح النكاح وسائر العقود في أصح الوجهين).
أما كون البيع ممن تلزمه الجمعة بعد ندائها لا يصح؛ فلأن الله تعالى قال: {يا أيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} [الجمعة: 9]. أمر بترك البيع، والأمر للوجوب، وإذا وجب تركه لم يصح إذاً لأنه محرم فلم يصح فعله كسائر ما نهي عنه نهي تحريم.
ولأن البيع يشغل عن الصلاة ويكون ذريعة إلى تركها أو فوات بعضها، وكلاهما لا يجوز، والمؤدي إلى ما لا يجوز لا يجوز، وإذا لم يجز لم يصح لما تقدم.
ولأنه عقد نهي عنه لأجل عبادة فكان غير صحيح كالنكاح المحرم.
فإن قيل: ما النداء الذي يحرم به البيع؟
قيل: هو المذكور في باب الجمعة.
وأما كون النكاح وسائر العقود تصح في وجهٍ؛ فلأن ذلك يقل وقوعه فلا يكون إباحته ذريعة إلى ما ذكر في البيع.
وأما كونها لا تصح في وجهٍ؛ فلأنها عقود معاوضات أشبهت البيع.
وأما كون الأول أصح؛ فلأن دليل الثاني قياس، والقياس مع قيام الفارق لا أثر له.
قال: (ولا يصح بيع العصير لمن يتخذه خمراً، ولا بيع السلاح في الفتنة أو لأهل الحرب. ويحتمل أن يصح مع التحريم).
أما كون بيع العصير لمن يتخذه خمراً لا يصح؛ فلأن الله تعالى قال: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة: 2] نهى والنهي يقتضي التحريم وعدم الصحة.