فعلى هذا لو لم يقدر عليهم إلا به أو فعلوه بنا جاز لما مر في حرق الشجر.
قال: (وإذا ظفِر بهم لم يُقتل صبيٌ ولا امرأةٌ ولا راهبٌ ولا شيخٌ فانٍ ولا زمِنٌ ولا أعمى لا رأي لهم، إلا أن يُقاتلوا. فإن تَتَرَّسوا بهم جاز رميهم، ويَقْصِد المقاتلة. وإن تترسوا بمسلمين لم يجز رميهم إلا أن يُخاف على المسلمين فيرميهم ويقصِد الكفار).
أما كون كل واحد من الصبي والمرأة والشيخ الفاني لا يقتل إذا لم يكن ذا رأي ولم يقاتل فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «انطلقوا بسم الله. لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً، ولا امرأة» (?) رواه أبو داود.
وأما كون الراهب لا يُقتل إذا كان كذلك فلأن في حديث أبي بكر الذي في وصيته لزيد: «ستمرون على قومٍ في صوامع لهم. احتبسوا أنفسهم فيها. فدعوهم حتى يُميتهم الله على ضلالتهم» (?).
وأما كون كل واحد من الزَّمِن والأعمى لا يقتل إذا كان كذلك فبالقياس على الشيخ الفاني؛ لا شتراكهم في عدم النكاية.
وأما كون جميع من ذُكر يقتل إذا كان ذا رأي أو قاتل: أما كونه يقتل إذا كان ذا رأي فلأن الرأي من أعظم المؤنة في الحرب. وقد جاء عن معاوية أنه قال لمروان والأسود: «أمددتما علياً بقيس بن سعد وبمائة، فوالله لو أنكما أمددتماه بثمانية آلاف مقاتل ما كان بأغيظ لي من ذلك».
وأما كونه يُقتل إن قاتل «فلأن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على امرأة مقتولة يوم الخندق فقال: من قتل هذه؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله! فقال: ولم؟ قال: نازعتني قائمة سيفي. فسكت» (?).
وفي حديثٍ آخر: «وقف على امرأة مقتولة. فقال: ما بالها قتلت وهي لا تقاتل» (?).