روى أبو بكر1 بنُ مجاهدٍ عن أبي عمرو أنه كان يُدغِم الراء2 في اللام، متحرِّكةً كانت الراء أو ساكنة، نحو: "فاغفِر لَّنا"3 و"استَغفِر لَّهُم"4 و"يَغْفِر لَّكُم". فإن سَكَنَ ما قبل الراء أدغمها في اللام في موضع الرفع والخفض نحو: "حِينٌ مِنَ الدَّهْر لَّم يَكُنْ"5. ولا يُدغِم إذا كانت الراء مفتوحة كقوله: {مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ} 6 و {الذِّكْرَ لِتُبَيِّن} 7 وأمثال ذلك.

وفصلُه بين الراء المفتوحة وغيرها إذا سكن ما قبلها دليل على أنَّ ذلك ليس بإدغام، وإنَّما هو رَومٌ لا إِدغام، والرَّوم لا يُتصوَّرُ في المفتوح8 وهذا مخالف لما ذكره سيبويه9 من أنَّ الراء لا تُدغَم في مقاربها لما فيها من التكرار. وهو القياس. ولم يحفظ سيبويه الإدغام في ذلك.

وروى أبو بكر بن مجاهد عن أحمد بن يحيى عن أصحابه عن الفرَّاء أنه قال: كان أبو عمرو يروي عن العرب إدغام الراء في اللام. وقد أجازه الكسائيُّ أيضًا، وله وُجَيه من القياس. وهو أنَّ الراء إذا أُدغمَت في اللام صارت لامًا, ولفظُ اللام أسهل من الراء لعدم التكرار10 فيها، وإذا لم تُدغَم الراءُ كان في ذلك ثقل؛ لأنَّ الراء فيها تكرار فكأنها راءانِ، واللامُ قريبة من الراء، فتصير كأنك قد أتيت بثلاثة أحرف من جنس واحد.

ومن ذلك قراءة أبي عمرو: "الشَّمْس11 سَّراجًا"12 بإدغام السين في السين، و"لِبَعْض شَّأنِهِم"13 بإدغام الضاد في الشين، و"نَحْن لَّهُ مُسلِمُونَ"14 بإدغام النون في اللام، و"مِن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015