جرت مجرى الأسماء، جمعُهم رَبْعة1: "رَبَعَات" بفتح العين2 كجفنات. والصفة المحضة3 لا يكون فيها4 إِلَّا إسكان العين. وأنت لا تقول إلا: بُقعة سِوًى. فدل ذلك على أنه ليس5 بصفة في الأصل.
وكذلك قوله عز وجل: {دِينًا قِيَمًا} 6 لا حجة فيه؛ لأنه مصدر في الأصل مقصور من "قيام". ولولا ذلك لكان "قِوَمًا" لأنه من ذوات الواو، ولا تقلب الواو ياء إذا كانت متحركة عينًا في مفرد لانكسار ما قبلها، إِلَّا بشرط أن يكون بعدها ألف وتكون في مصدر لفعل اعتلت عينه، نحو: قام قيامًا وعاذ عياذًا. فدل انقلاب الواو ياء، في "قِيَم"، على أنه مصدر في الأصل وُصف به، كما وصف بعد وزَوْر، وهما مصدران في الأصل.
وكذلك7 قولهم: سبيٌ طِيَبَةٌ8، وماء روى، وماء صِرًى9. لا حجة في شيء من ذلك على إثبات "فِعَلٍ" في الصفات؛ لأنَّ جميع ذلك لا يطابق موصوفه: أمَّا طِيَبَةٌ فإنه مؤنث اللفظ وهو تابع لمذكر، وأمَّا رِوًى وصِرًى فيوصف بهما الجميع والمفرد على صورة واحدة، فيقال: مياه صِرًى، ومياه رِوًى. وقد تقدم أن الصفة إذا كانت كذلك كانت محكومًا لها بحكم الأسماء.
وفِعِلٌ: ولم يجئ منه إِلَّا [7أ] "إِبِلٌ" خاصة، فيما زعم سيبويه10. وحكى غيره "أتان إِبِدٌ" للوحشية. فأمَّا "إِطِلٌ" فلا حجة فيه؛ لأنه المشهور فيه إِطْلٌ بسكون الطاء. فإِطِل يمكن أن يكون مما أُتبعت الطاء فيه11 الهمزة للضرورة؛ لأنه لا يُحفظ إِلَّا في الشعر، نحو قوله12:
له إطلا ظبي وساقا نعامة
وكذلك حِبِرة13، الأفصح والمشهور فيها إنما هو حِبْرَة، وحِبِرَة ضعيف. وكذلك بلز14 لا حجة فيه؛ لأنَّ الأشهر فيه بِلِزٌّ بالتشديد. فيمكن أن يكون بِلِزٌ مخففًا منه.