متحرِّكة قبل لحاق الفعل الزيادة، فلم تُكره الحركة فيها لذلك؛ ألا ترى أنَّ الخاءَ من "اختَصَمَ" متحرِّكة في "خَصِمَ".

ولأجل1 تعذّر الإدغام شَذَّ بعضهم، فحذف التاء من "يَستَطِيعُ" لمَّا استثقل اجتماع المتقاربين، فقال: يَسطِيعُ.

وكذلك أيضًا يجوز الإدغام في المتقاربين، وإن كانا في كلمة واحدة، إذا كان بناء الكلمة مبيِّنًا أنَّ الإدغام لا يمكن أن يكون من قَبيل إدغام المِثلين. وذلك نحو: "انفَعَلَ" من المحو. فإنك تقول فيه: امَّحَى؛ لأنه لا يمكن أن يكون من قبيل إدغام المِثلين؛ لأنه [67ب] ليس في الكلام "افَّعَلَ"، فعُلم أنه "انمَحَى" في الأصل.

فهذا جميع ما يجوز فيه إدغام المتقاربين، ممّا هو في كلمة واحدة، إِلَّا ما شَذَّ من خلاف ذلك، فيُحفظ ولا يقاس عليه. فمن ذلك2: سِتٌّ ووَدٌّ وعِدَّانٌ.

أمَّا سِتٌّ فأصلها "سِدْسٌ"، بدليل قولهم في الجمع: أَسداسٌ، فأبدلوا من السين تاء؛ لأنَّ السين مضعَّفة وليس بينهما حاجز إِلَّا الدال، وهي ليست بحاجز قويٍّ لسكونها. وأيضًا فإنَّ مخرجها من أقرب المخارج إلى مخرج السين، فكأنه قد اجتمع فيه ثلاث سينات. وكرهوا إدغام الدال في السين؛ لأنهم لو فعلوا ذلك لقالوا: "سِسٌّ"، فيزداد اللفظ سينًا. فأبدلوا من السين حرفًا يقرب منها ومن الدال -وهو التاء- لأنَّ التاء تقارب الدالَ في المخرج والسينَ في الهمس، فقالوا: "سِدْتٌ".

فكرهوا أيضًا اجتماع الدال ساكنة مع التاء، لِما بينهما من التقارب [حتَّى] كأنهما مِثلان، مع أنَّ الكلمة قد كثُرَ استعمالها، فيه مستدعية للتخفيف من أجل ذلك. فأدغموا الدال في التاء، ليخفَّ اللفظ، فقالوا: سِتٌّ.

وأمَّا3 وَدٌّ وعِدَّانٌ فأصلهما: وَتِدٌ وعِتْدانٌ جمع عَتُود4. فاستثقلوا في عِتدان اجتماع التاء الساكنة مع الدال، للتقارب الذي بينهما حتَّى كأنهما مِثلان، ليس بينهما حاجز كما تقَدَّمَ. وكذلك أيضًا وَتِدٌ لَمَّا سكنت التاء في لغة بني تميم، كما يقولون في فَخِذ: فَخْذ، اجتمعت التاء ساكنة مع الدال، فاستثقلوا ذلك كما استثقلوا في عِتْدانٍ البيان5 حين أدغموا فقالوا: عِدَّانٌ، والبيانُ فيه جائز. ولو كانت التاء متحرِّكة لم تُدغَم؛ لأنَّ الحركة في النيَّة بعد الحرف, فتجيء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015