وقعت قبل الميم أو الواو أو الياء1 في كلمة، نحو: زُنْم2 [وأَنْمُلة] 3 وقَنْواء4 وكُنْية5. ولم تُخفِها كما6 تفعل بها مع سائر حروف الفم؛ لأنَّ الإخفاء يُقرِّبها من الإدغام، فخافوا أن يلتبس الإخفاء بالإدغام، فقلبوا لذلك.
ولذلك7 أيضًا لم يوجد في كلامهم نون ساكنة قبل راء أو لام نحو: "عَنْل" و"قنْر", في كلمة واحدة8؛ لأنَّك إن بَيَّنت ثَقُل لقرب النون من الراء واللام9, وإن أَدغمت التبس بإدغام المِثلين.
إِلَّا أن يجتمع المتقاربان في "افتَعَلَ" أو "تَفَاعَلَ" أو "تَفَعَّلَ"، نحو: اختَصَمَ وتَطَيَّرَ وتَطايَرَ، فإنه يجوز الإدغام فيها10.والسبب في ذلك ما ذكرناه في إدغام المِثلين11، من أنَّ التاء من هذه الأبنية الثلاثة تَنزَّلت ممّا بعدها منزلةَ المنفصل؛ لأنه لا يلزم أن يكون بعدها مثلها. وكذلك أيضًا لا يلزم أن يكون بعدها مقاربها كما لا يلزم ذلك في الكلمتين. فلمَّا أشبهَ اجتماع المُتقاربين فيها12 اجتماعهما في الكلمتين لم يلزم الإدغام كما لا يلزم13 ذلك في الكلمتين، فأُمنَ التباس إدغام المتقاربين في هذه الأبنية14 بإدغام المِثلين؛ لأنَّ الإظهار يُبيِّنُ الأصل، كما كان ذلك في الكلمتين.
فإذا أردتَ الإدغام قلبتَ أحد المتقاربين إلى جنس الآخر، على15 حسب ما أحكم في الفصول المتقدِّمة، ثمَّ أَدغمت. فتقول في "تَطيَّرَ" و"تَدارأَ"16 إذا أردت الإدغام: اطَّيَّرَ