فإدغامها في الراء نحو: هل رَّأيتَ؟ أحسنُ من إدغامها في سائرها؛ لأنها أقرب الحروف إليها وأشبهها1 بها، حتَّى إنَّ بعض من يصعب عليه إخراج الراء يجعلها2 لامًا.
وإدغامها في الطاء والتاء والدال والصاد والسين والزاي يلي في الجودة إدغامَها في الراء؛ لأنها أقرب [الحروف] 3 إليها بعد الراء.
وإدغامها في الثاءِ -نحو:4 "هَل ثُّوِّبَ" وقد قرأ به أبو عمرو- والذالِ والظاءِ يلي5 ذلك؛ لأنَّ هذه الثلاثة من أطراف الثنايا، و [قد] 6 قاربن مخرج ما يجوز إدغام اللام فيه. وهو الفاء.
وإدغامها في الضاد والشين يلي ذلك؛ لأنهما ليسا من حروف طرف اللسان كاللام، وإنَّما اتصلتا7 بحروف طرف اللسان، بالاستطالة التي في الضاد، والتَّفشِّي الذي في الشين، كما قدَّمنا. ومن إدغامها في الشين قول طريف بن تميم8:
تَقُولُ، إِذا استَهلكتُ مالًَا لِلَذَّةٍ, ... فُكَيهةُ: هَشَّيءُ بِكَفَّيكَ لائقُ؟
يريد: هل شَيءٌ؟
وإدغامها في النون دون ذلك كلِّه، والبيانُ أحسنُ منه. وإنَّما قَبُحَ إدغامها في النون، وإن كانت أقرب إلى اللام من غيرها من الحروف التي تقَدَّمَ ذكرها؛ لأنه قد امتنع أن يُدغم في النون من الحروف التي أُدغمت هي فيها إِلَّا اللام. فكأنهم استوحشوا الإدغام فيها وأرادوا أن يُجروا اللام مُجرى أخواتها من الحروف التي يجوز إدغام النون فيها9. فكما أنه لا يجوز إدغام شيء منها في النون، كذلك10 ضعف إدغام اللام فيها.
ولا يُدغم فيها إِلَّا النون، على ما يُبَيَّنُ في فصل النون.
وأمَّا النون فلها خمسة مواضع: موضع تُظهر فيه، وموضع تُدغم فيه، وموضع تَخفى فيه11، وموضع تُقلب فيه ميمًا، وموضع تُظهر فيه وتَخفى: