فأمَّا قوله1:
إِذا ما المَرْءُ صَمَّ, ولَم يُكَلَّمْ, ... ولَم يَكُ سَمعُهُ إِلَّا دُعايا2
وسائر أبيات [هذه] 3 القصيدة4 فضرورة، ولم يُسمع مثله في غير هذا الموضع. ووجهه أنه أجرى ألف الإطلاق مُجرى تاء التأنيث التي بُنيت عليها الكلمة. فكما لم تُقلب الواو ولا الياء, في مثل: إِداوة ونِهاية، همزة فكذلك لم تُقلب في "دُعايا" وأخواته5.
فإن كان الساكن ياء أو واوًا أدغمتَ6 فيما بعده. فإن كان الساكن مخالفًا للام -أعني بأن يكون أحدهما واوًا والآخر ياء- قُلبت الواو ياء تَقدَّمتْ أو تأخَّرتْ، وأُدغمت الياء في الياء نحو: بَغِيّ وسَرِيّ. أصلهما "بَغُوْيٌ" و"سَرِيْوٌ"7، فقُلبت الواو ياء وأُدغمت الياء8 في الياء, ثمَّ قُلبت الضَّمَّة التي في العين من "بَغيّ" كسرة، لتصحَّ الياء. والدليل على أنَّ بَغِيًّا: "فَعُول" كونه للمؤنَّث بغير تاء. قال الله تعالى9: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} . ولو كان بَغِيّ10: "فَعِيل" لكان بالتاء كظريفة.
فإن كان الساكن موافقًا للام أدغمتَ من غير قلب. وذلك نحو: عَدُوّ ووَلِيّ. وقد حُكي القلب في الواو -وهو قليل- قالوا11: أَرضٌ مَسنِيَّةٌ، من "يَسنُوها [52ب] المطَرُ"12 وقالوا: مَعْدِيٌّ، من "عَدَوتُ". قال13: