وليس الأمر كذلك1 في "فُعُلٍ" الذي عينه ياء. بل يجوز [فيه] 2 التحريك والتسكين، نحو: عِيَان3 وعُيُن. وقالوا: بَيُوضٌ4 وبُيُضٌ. فإذا سَكَّنتَ الياء [44أ] كان حكمه حكم "فُعْلٍ" بسكون العين، ممّا عينه ياء، وسيُبيَّنُ حكمه.
فإن قيل: ولأيِّ شيء لم يَفِرُّوا من الواو المضمومة في [مثل] 5 سُوُك إلى الهمزة، كما قالوا: أدْؤُرٌ وأَنْؤُرٌ، في جمع دار ونار؟ فالجواب6 أنه لا يُبدل من الواو المضمومة همزة، إِلَّا حيث لا يمكن تخفيفها بالإسكان نحو أَدْوُر؛ لأنَّك لو سكَّنت7 الواو لالتقى ساكنان. وليس كذلك سُوُر وعُوُن. وقد يجوز أن تُبدل الواو همزة، وإن أمكن التسكين. فقد حُكي: جَوادٌ وجُؤُدٌ وجُوْدٌ، بالهمزة وبإسكان الواو.
فإن كان على "فُعْلٍ" وعينه ياءٌ فلا يخلو من أن يكون مفردًا أو جمعًا.
فإن كان جمعًا قُلبتِ الضَّمَّة كسرة، لتصحَّ الياء، نحو: أَبيَض وبِيض. أصله "بُيْضٌ" كحُمْر، فقُلبت الضَّمَّة كسرة. وذلك أنَّ الياء8 لمَّا كانت تلي الطَّرف عُوملت معاملة الطرف. فكما أنَّ الياء إذا كانت طرفًا وقبلها ضمَّة تُقلب9 الضَّمَّة كسرة نحو "أَظْبٍ" في جمع ظَبْيٍ، أصله "أَظْبُيٌ" نحو "أَفْلُس"، فكذلك إذا كانت تلي الطرف، لا خلاف بين النَّحويِّين في ذلك.
وإن كان مفردًا فحكمه عند سيبويه والخليل كحكم الجمع. فإذا بنيتَ من البياض اسمًا على "فُعْل" قلتَ: بِيضٌ. فـ"ديكٌ"، على مذهب سيبويه، يحتمل أن يكون "فُعْلًا" و"فِعْلًا". وأبو الحسن يَقلب الياء واوًا، ويقرّ الضَّمَّة، فيقول: بُوضٌ. ولا يكون "دِيك" عنده إِلَّا "فِعْل". وحجَّته أنَّ قلب الضَّمَّة كسرة قد استقرَّ في الجمع, نحو "بِيض" في جمع أَبيَض, ولم يستقرَّ في المفرد, والقياس10 يقتضي التفرقة؛ لأنَّ الجمع أثقل من الواحد, فهو أدعى للتخفيف. فلذلك قُلبت الضَّمَّة كسرة في الجمع لتصحَّ الياء، ولم تُقلب الياء واوًا؛ لأنَّ الياء أخفُّ من الواو. وأمَّا المفرد فلِكونه أخفَّ من الجمع يُحتمل فيه الواو.