و"بُيِع". فتُستثقل الكسرة في الياء والواو:
فمنهم من يحذفها فيُسْكن الواو فتصيرُ: قُوْلَ، ويُسْكن الياء، فتصير ساكنة بعد ضمَّة فتُقلب واوًا، فيقول1: بُوْعَ. وجُعلت العين في هذا الوجه تابعة لحركة الفاء، كما كانت في فعل الفاعل.
ومنهم من ينقل الكسرة من العين إلى الفاء، فيقول: بِيْعَ. وأمَّا "قُوْلَ" فينقل2 الكسرة من العين إلى الفاء فتصير الواو ساكنة بعد كسرة فتَنقلب ياءً، فيقول3: قِيْلَ.
وإنَّما جاز نقل حركة العين إلى الفاء، في فعل المفعول، من غير أن يُسند إلى ضمير المتكلِّم أو المخاطَب4، ولم يجز ذلك في فعل الفاعل إِلَّا في "كاد" و"زال" كما تقدَّم -تشبيهًا5 للكسرة التي في عين "فُعِل" بالكسرة التي في عين "فَعِل" من ذوات الياء إذا حُوِّلت، من جهةِ أنَّ كلَّ واحدة من الكسرتين أصلها الفتح؛ ولأنَّ في نقل حركة العين إلى الفاء تخفيفًا بقلب الواو ياءً، والياءُ أخفُّ من الواو، فتصير ذوات الواو والياء بلفظ واحد. وفي نقل حركة العين إلى الفاء في فِعل الفاعل تثقيلٌ؛ لأنك تقول: كِيْدَ وزِيلَ، و"كادَ" و"زالَ" أخفُّ؛ لأنَّ الألف أخفُّ من الياء. ولذلك كان النقل في "فُعِلَ"6 أحسنَ من حذف الكسرة [42ب] من العين؛ لأنَّ ذلك يؤدِّي إلى قلب الياء واوًا، فتقول "بُوْعَ"، فتُخرِجُ الأخفَّ إلى الأثقل.
ومن العرب7 من إذا نقل الكسرة من العين إلى الفاء أشمَّ الفاءَ الضَّمَّةَ، دليلًا على أنَّ8 الفاء مضمومة في الأصل. وذلك بأن تضُمَّ شفتيك ثمَّ تَنطق بالفعل، ولا تلفظَ بشيء من الضَّمَّة. ولو لفظتَ بشيء من الضَّمَّة لكان رَومًا لا إشمامًا. قال الزَّجاجيُّ: "وذلك لا يُضبَطُ إِلَّا بالمُشافهة"9. إشارةً إلى أنه لا يُسمَعُ بل يُرى. وأمَّا بعضُ النَّحويِّين. وكافَّةُ القُرَّاء فإنهم يجعلون الكسرةَ بينَ الضَّمَّة والكسرة. والذي عليه المُحقِّقون من النحويِّينَ ما ذكرتُ لك. ولذلك سَمَّوه إشمامًا.