يشذَّ من ذلك شيء إِلَّا لفظتان، وهما1: طاحَ يَطِيحُ وتاهَ يَتِيهُ، في لغة من قال: ما أَطوَحَهُ وما أَتوَهَهُ! 2 ولا يمكن أن يكونا3 على هذا "فَعِلَ"4 بكسر العين؛ لأنَّ "فَعِل يَفعِلُ" شاذٌّ من الصحيح والمعتلِّ، و"فَعَلَ يَفعِلُ" وإن كان شاذًّا فيما عينُه واو فليس بشاذٍّ في الصحيح. فحملُهما على ما يكون مَقيسًا في حالٍ أَولَى.
فأمَّا من قال "ما أَتيَهَهُ"! فقوله "يَتِيهُ" على القياس. والدليل أيضًا على أنَّ "تاهَ" قد يكون من ذوات الياءِ قولهم5: وَقَعَ في التُّوهِ والتِّيه. فقولهم "في التِّيه" دليلٌ على أنه من ذوات الياء، بقاءً مع الظاهر. وكذلك أيضًا "تَيَّهَ" يدلُّ على أنَّ "تاهَ" من ذوات الياء.
فإن قيل: فلعلَّ تَيَّهَ: "فَيعَلَ"6، وهي7 من ذوات الواو، والأصل "تَيْوَهَ" فقُلبت الواو ياءًَ وأُدغمت الياء في الياء. فالجواب8 أنَّ "فَعَّل" أكثرُ من "فَيعَلَ"، فيجبُ أن يُحمل "تَيَّهَ" على "فَعَّل" لذلك. وأيضًا فإنَّ "تَيَّه" للتكثير، فينبغي أن يكون على "فَعَّل"؛ لأنَّ "فَعَّلَ" من الأبنية التي وضعتها العربُ للتكثير، نحو: قَطَّعَ وكَسَّرَ.
وأيضًا فإنهم يقولون فيه إذا ردُّوه لِما لم يُسمَّ فاعلُه: تُيِّهَ9. ولو كان "فَيعَلَ" لقالوا10 "تُوْيِهَ" إن كان من ذوات الياء، و"تُوْوِهَ" إن كان من ذوات الواو11 كـ"بُوْطِرَ". ولم يجز الإدغام كما لم يُدغم مثل "سُوْيِرَ"؛ لأنَّ الواو مَدَّة. وسيُبيَّن ذلك في بابه، إن شاء الله تعالى12.
فإن قيل: فلأيِّ شيء قالوا في مضارع "فَعَلَ" من ذوات الواو: "يَفعُلُ"، ومن ذوات الياء: "يَفعِلُ"، وقد
كان "فَعَلَ" من الصحيح يجوز في مضارعه "يَفعُلُ" و"يَفعِل"، نحو: يَضرِبُ ويَقتُلُ؟ فالجواب عن ذلك شيئان: