وقالوا في الجميع1: أَياسِينُ2، بالياء. والأصل النون لأنَّ إنسانًا وأَناسيَّ بالنون أكثر منه بالياء.
وأُبدلت أيضًا على اللزوم من نون ظَرِبان3 ونون إنسان التي بعد الألف، في الجمع فقالوا: أَناسِيُّ وظَرابِيُّ، فعاملوا النون معاملة همزة التأنيث لشبهها بها. فكما يُبدِلون من همزة التأنيث ياءً، فيقولون في صَحراء: "صَحارِيُّ"، كذلك فعلوا بنون إنسان وظَرِبان، في الجمع.
وأُبدلت أيضًا من النون في: تَظَنَّيتُ4؛ لأنه "تَفَعَّلْتُ" من الظَّنِّ. فأصله "تَظَنَّنتُ"، فأُبدلت النون ياءً هروبًا من اجتماع الأمثال.
وأُبدلت أيضًا على اللزوم من النون في: تَسنَّى، بمعنى: تَغيَّرَ. ومن ذلك قوله تعالى: {لَم يَتَسَنَّ} 5، فحُذفت6 الألف المبدلة من الياء للجزم. والأصل "يَتَسَنَّنْ"، فأُبدلت النون [ياء] 7 هروبًا أيضًا من اجتماع الأمثال. والدليل على ذلك قوله تعالى: {مِن حَمَأٍ مَسْنُونٍ} 8 أي: مُتغيِّر. فقوله تعالى: {مَسْنُون} يدلُّ على أنَّ "يَتَسَنَّ"9 في الأصل من المُضَعَّف كمَسنُون، وليس من قَبيل المُعتلِّ.
فهذا جميع ما أُبدلت فيه الياء من النون.
وأُبدلت من اللام في: أَملَيتُ الكِتابَ10 إنَّما أصله "أَملَلتُ"، فأُبدلت اللام الأخيرة ياءً هروبًا11 من التضعيف. وقد جاء القرآن باللغتين جميعًا. قال تعالى: {فهِيَ 12 تُملَى عَليهِ بُكْرةً وأَصيلًا} . وقال عزَّ وجلَّ: {ولْيُمْلِل ِ13 الَّذِي عَليهِ الحَقُّ} 14. وإنَّما جعلنا اللام هي الأصل لأنَّ "أَملَلتُ" أكثرُ من "أَملَيتُ".