فإن قيل: فأيُّ الحرفين هو الزائد؟ فالجواب أنَّ في ذلك خلافًا1:
فمذهب الخليل2 أنَّ الزائد الأوَّل، فاللام الأُولى من سُلَّمٍ هي الزائد، وكذلك الزاي الأولى من بَلِزّ3. وحُجَّتُهُ أنَّ الأَوَّلَ قد وقع موقعًا تكثر4 فيه أُمَّهات الزوائد. وهي الياء والألف والواو؛ ألا ترى أنَّ حروف العلَّة الثلاثة قد تَقع ثانيةً زائدةً نحو: حَومَلٍ5 وصَيْقَلٍ وكاهِلٍ؟ فإذا قضينا بزيادة اللام الأولى من سُلَّمٍ كانت واقعةً موقعَ هذه الزوائد وساكنةً مثلها. وكذلك أيضًا قَد تقع هذه الحروف ثالثةً نحو: كِتاب وعَجُوز وقَضِيب. فإذا جعلنا الزاي الأولى من بِلِزّ زائدة كانت واقعةً موقع هذه الزوائد وساكنةً مثلها.
ومذهبُ يُونُس6 أنَّ الثاني هو الزائد. واستدلَّ على ذلك أيضًا بأنه إذا كان الأمر على ما ذُكر وقعت الزيادة موقعًا تكثر فيه أُمَّهات الزوائد؛ ألا ترى أنَّ الياء والواو قد تَقَعان زائدتين متحرِّكتين ثالثتين، نحو: جَهوَرٍ7 وعِثْيَرٍ؟ 8 فإذا جعلنا اللام الثانية من سُلَّمٍ هي الزائدة كانت واقعةً موقع الياء من عِثيَرٍ والواو من جَهوَرٍ ومتحرِّكةً مثلهما. وكذلك أيضًا تكثرُ زيادتُهما9 رابعتَينِ مُتحرِّكتين نحو: كَنَهوَرٍ10 وعِفْرِيَةٍ11. فإذا جعلنا الزاي الثانية12 من بِلِزٍّ13 زائدة كانت واقعةً موقع الواو من كَنَهوَرٍ، والياء من عِفْرِيَةٍ، ومُتحرِّكةً مثلهما.
قال سيبويه: وكلا القولين صحيحٌ ومذهبٌ14.
وهذا القدر الذي احتجَّ به الخليل ويونس لا حُجَّةَ لهما فيه؛ لأنه ليس فيه أكثرُ من التأنيس بالإتيان بالنظير، وليس فيه دليل قاطع15.