فأمَّا "هَمَّرِش"1 فينبغي أن يُحمل2 على أنَّ إدغامه من قَبيل إدغام المِثلَينِ، ويكون وزن الكلمة "فَعَّلِلًَا"3، فتكون ملحقة بجَحَمرِشٍ4، لمِا ذكرناه من أنَّ الأصل في كلِّ إدغام، يكون في كلمة واحدة، أن يُحمل على أنه من قَبيل إدغام المِثلَينِ، إِلَّا أن يمنع من ذلك مانع. فإذا صَغَّرتَ هَمَّرِشًا على هذا القول أو كسَّرتَه قلتَ: هُمَيرِشٌ وهَمارِشُ. فتحذف إحدى الميمين لأنها زائدة.
وأمَّا أبو الحسن فزعم5 أنَّ هَمَّرِشًا حُروفُه كلُّها أُصول، وأنَّ الأصل "هَنْمَرِشٌ" بمنزلة [29 أ] جَحْمَرِش، ثمَّ أُدغمت النون في الميم. وجاز الإدغام عنده لعَدمِ اللَّبس. وذلك أنَّ هذه البِنية –أعني "فَعْلَلِلًا"- لم تُوجد في موضع من المواضع قد لحقتها زوائد6 للإلحاق.
فيُعلَمُ بذلك أنَّ هَمَّرشًا في الأصل "هَنْمَرِشٌ". إذ لو لم يُحمل على ذلك، وجُعل من إدغام المِثلَين، لكان أحد المِثلَين زائدًا، فيكون ذلك كَسرًا لما ثَبَتَ في هذه البِنية واستقرَّ، من أنها لا تلحقها الزوائد للإلحاق. فتقول على هذا في تصغيرِ هَمَّرِش7 وتكسيره: هُنَيْمِرٌ وهَنامِرُ. فتردُّ النون إلى أصلها، لمَّا زال الإدغام، وتَحذف الآخِر لأنَّ حروف الكلمة كلَّها أصول.
وهذا الذي ذهب إليه فاسد8؛ لأنه مبنيٌّ على أنَّ هذه البِنية لم تلحقها زيادة للإلحاق في موضع. وقد وُجِد هذا الذي أَنكر، قالوا: جِرْوٌ نَخْوَرِشٌ أي: إذا كَبِرَخَرَشَ9؛ ألا ترى أنَّ الواو زائدة10، وأنَّ الاسم ملحق بجَحمَرِش؟ فإذا تقرَّر أنَّ هذه البِنية قد لحقتها الزوائد للإلحاق وجب القضاء على إدغام هَمَّرِشٍ، بأنه11 من قَبيل إدغام المِثلَينِ.