زائدًا، فكذلك ما كان بمنزلته. ولذلك حذفوا نون عَرَنقُصان1 تخفيفًا، فقالوا: عَرَقُصان، كما حذفوا الألف من عُلابِط2 وهُدابِد3 وأمثالهما، حين قالوا: عُلَبِط وهُدَبِد.
ووجه الشبه بينهما أنَّ في النون غُنَّةً في الخياشيم، كما أنَّ في حروف المدِّ واللين مدًّا، والغُنَّة والمدّ كلُّ واحد منهما فضلُ صوت في الحرف. ولذلك إذا جاءت النون ثالثة ساكنة، فيما هو على خمسة أحرف، إِلَّا أنها مدغمة نحو: عَجَنَّس4، لم تكن إِلَّا أصليَّة5؛ لأنها إذ ذاك تَشَبَّثُ بالحركة، والنون إذا تحرَّكت كانت من الفم وضعفت الغُنَّة فيها.
ولذلك لم تُزَد ثالثة ساكنة قبل حرف الحلق؛ لأنها إذ ذاك تكون من الفم وتضعف فيها الغُنَّة، فلا تشبه حرف العلَّة. ولو ورد في الكلام مثل "جَحَنْعَل" مثلًا لجُعلت النون فيه أصليَّة كما جُعلت في "عجنَّس" كذلك، لمفارقتها إذ ذاك الغُنَّة التي أشبهت بها حرف العلَّة.
فهذه جملة الأماكن التي يُقضى على النون فيها بالزيادة. وما عدا ذلك قُضي عليه بالأصالة، ولا يقضى عليه بالزيادة إِلَّا بدليل6:
فممّا زيدت فيه النون أوَّلًا لقيام الدليل على زيادتها: نَرْجِسٌ7, وزنه "نَفْعِلٌ". وإنَّما لم تكن نونه أصليَّة؛ لأنه ليس في كلامهم "فَعْلِل"8.
فإن قيل: وكذلك ليس في كلامهم "نَفْعِل". فالجواب أنه قد تَقدَّم أنَّ الحرف إذا كان جعله زائدًا يؤدِّي إلى بناء غير موجود، وكذلك9 جعله أصليًّا، قُضِيَ عليه بالزيادة، للدخول في الباب الأوسع؛ لأنَّ أبنية المزيد أكثرُ من أبنية الأصول.
وزعم ابن جنِّي أنَّ النون في نِبراس10 زائدة ووزنه "نِفْعال"، وجعله مشتقًّا من البِرْس وهو القطن؛ لأنَّ الفتيل يُتَّخذ في الغالب من القطن. وذلك اشتقاقٌ ضعيف جدًّا. بل لِقائل أن يقول: الغالب في الفتيل ألَّا يكون من القطن.