كلامهم؛ ألا ترى أنَّ1 قول الراجز2:
هَلْ تَعرِفُ الدَّارَ؛ لأُمِّ الخَزرَجِ ... مِنها, فظَلْتَ اليَومَ كالمُزَرَّجِ
أراد: سكران كالذي يشرب3 الزَّرَجُون. وكان القياس أن يقول "كالمُزَرْجَنِ"4؛ لأنَّ نون "زَرَجون" أصليَّة. لكنه حذف النون؛ لأنَّ الكلمة5 أعجميَّة، والعرب قد تُخلّطُ في اشتقاقها من الأعجميِّ كما تقدَّم.
فإِن قيل: فهلَّا قلتم [24 ب] : إنَّ6 قولهم في الجمع 7 "مَجانِيق" بحذف النون من قَبيل ما خُلِّطَ فيه. فالجواب أنَّ قولهم: مَجانِيق، يؤدِّي إِلى أن يكون وزن الكلمة "فَنْعَلِيلًا" كما تقدَّم، وهو من أبنية كلامهم. وقولهم: نُجْنَقُ وجَنَقُوهم، يؤدِّي إِلى كون الميم والنون زائدتين، فيكون وزن الكلمة "مَنْفَعِيلًا"، والزيادتان لا تَلحقان الأسماء من أوَّلها، إِلَّا أن تكون جارية على الأفعال، كما تقدَّم.
والذي يدلُّ، على أصالة الميم في مَنجَنُون،8 أنه لا يخلو أن تُقَدِّر الميم والنون9 زائدتين أو أصليَّتين، أو إِحداهما زائدة والأخرى أصليَّة10 فجعلُهما زائدتين فاسد، لما تبيَّن من أنه لا يلحق الكلمة زيادتان من أوَّلها إِلَّا الأفعالَ والأسماءَ الجارية عليها، و"منجنون" ليس من قبيل الأسماء الجارية على الأفعال. وجعلُ إحداهما زائدة والأُخرى أصليَّة فاسدٌ؛ لأنَّ ك إن قدَّرت أنَّ الميم هي الزائدة11 كان وزن الكلمة "مَفْعَلُولًا". وذلك بناء غير موجود في كلامهم. وإِن12 قَدَّرتَ أنَّ النون هي الزائدة كان فاسدًا، بدليل قولهم "مَناجِين" في الجمع، بإِثبات النون الأُولى. فدلَّ ذلك على أنهما أصلان، ويكون وزن الكلمة "فَعْلَلُولًا". فيكون13 نحو: حَنْدَقُوق14.