و"أُمّ" يقع في الغالب على ما لا يَعقل، وقد يقع على العاقل، نحو قوله1:

لَقَد وَلَدَ الأُخَيطِلَ أُمُّ سَوءٍ ... على بابِ اسْتِها صُلُبٌ وشامُ

وممّا يدلّ أيضًا، على زيادة الهاء2 في "أُمَّهَة"، قولهُم: أُمٌّ بَيِّنةُ الأُمومة، بغير هاء. ولو كانت أصليَّةً لثَبَتَتْ في المصدر.

والذي يجعلها أصليَّةً يستدلّ على ذلك بما حكاه صاحب "العَين"3، من قولهم: تأمَّهْتُ أُمًّا. فتأمَّهتُ: "تَفَعَّلْتُ" بمنزلة "تَنبَّهتُ"، مع أنَّ زيادة الهاء قليلة جدًّا، فمهما أمكن جعلها أصليَّة كان ذلك أولى فيها.

والصحيح أنها زائدةٌ؛ لأنَّ الأُمُومة حكاها أئمّة اللغة. وأمَّا "تأمَّهتُ" فانفرد بها صاحب العين. وكثيرًا4 ما يأتي في كتاب "العَين" ما لا يَنبغي أن يُؤخذ به، لكثرة اضطرابه وخلله.

وأمَّا هِجْرَعٌ وهِبْلَعٌ وهِرْكَولةٌ فزعم أبو الحسن أنَّ الهاء فيها زائدة، واستدلّ على زيادتها بالاشتقاق. فأمَّا هِجْرَعٌ فهو الطويل، فكأنه مأخوذٌ من الجَرَع. وهو المكان السهل المنقاد. وأمَّا الهِبْلَعُ فالأَكُول، ففيه معنى البَلع. وأمَّا الهِرْكَولةُ فهي التي تَركُلُ في مِشيتها. فالهاء فيها5 زائدة. وبعض العرب يقول هِرَّكْلةٌ وهُرَكِلةٌ. وينبغي أن تجعل الهاء فيها أصليَّة6.

والصحيح أنَّ الهاء في هِبْلَع زائدةٌ، لوضوح اشتقاقه من البلع. وأمَّا هِجْرَع فوجه الجمع بينه وبين الجَرَع ليس له ذلك الوضوح الذي لهِبْلَع. فينبغي أن تجعل الهاء أصليَّة، وألَّا تُجعل من لفظ الجَرَع. على أنَّ أحمد بن يحيى قد حكى: هذا أَهْجَرُ من هذا، أي: أَطوَلُ منه7. فيحتمل أن يكون من لفظ هِجْرَع، وحُذِفت لامه8. ويكون في قولهم "أَهجَرُ من كذا" دلالةٌ على أصالة الهاء.

وأمَّا الهِرْكَولة فقد حكى أبو عُبيدة أنها الضَّخمةُ الأوراكِ. فعلى هذا تكون الهاء أصليَّةً، إِذ لا اشتقاق يقضي بزيادة الهاء؛ لأنه على هذا ليس مأخوذًا من "رَكَلَ". فإِذا ثَبَتَ أنَّ الهاء في هِركَولة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015