طالَ هَمِّي, وبِتُّ كالمَحزُونِ ... واعتَرَتْنِي الهُمُومُ, بالماطِرُونِ

ووجْه استدلاله بكسر النون، على أنها أصل، هو أنها لو جُعلت زائدة لكانت الكلمة جمعًا في الأصل سُمِّيَ بِه؛ لأنَّ المفردات لا يوجد في آخرها واو ونون زائدين. والجمع إِذا سُمِّيَ به فله في التسمية طريقان: أحدهما أن تحكي فيه طريقته1 وقت أن كان جمعًا، فيكون في الرفع بالواو، وفي النصب والخفض بالياء. والطريقة الأخرى أن تجعل الإِعراب في النون، وتقلب الواو ياء على كل حال، فتقول2: هذا زَيدِينٌ، ورأيت زَيدِينًا، ومررت بِزَيدِينٍ. فلمَّا لم يجئ "الماطِرُون" على وجه من هذين الوجهين قُضِي عليه بأنه مفرد، فوجب عليه جعل النون أصليَّة.

وهذا لا دليل له فيه؛ لأنَّ أبا سعيد وغيره من النحويّين حكوا في التسمية وجهين غير هذين [15أ] : أحدهما جعلُ الإِعراب في النون، وإِبقاء الواو على كل حال. فيقولون: هذا ياسِمُونٌ، ورأيت ياسِمُونًا، ومررت بياسِمُونٍ. فيكون الماطِرُونُ جمعًا سُمِّيَ3 به، على هذا الوجه. والوجه الآخر: أن تكون النون مفتوحة في كلّ4 حال، وقبلها الواو، فيقال: هذا ياسِمونَ البرِّ ورأيت ياسمونَ البرِّ، ومررت بياسمونَ البرِّ. وقد جاء ذلك في الماطِرون. وعليه قوله5:

ولَها بالماطِرُونَ, إذا ... أكَلَ النَّملُ الَّذِي جَمَعا

وهذا ممَّا يدلّ على أنه جمعٌ، مَحكِيَّةٌ فيه حالة الرفع. إِذ لو كان مفردًا لأثَّر فيه العامل، إِذ لا موجب لبنائه. على أنَّ أبا سعيد السيرافيّ قال: أَظنُّها فارسيَّةً. فإِذا كانت فلا حُجَّة فيها.

والقول في الماجِشُون6 كالقول في الماطِرون. وكذلك سِقلاطُون7 وأَطرَبُون8 وما كان نحوَ ذلك.

وأمَّا خَرَنباشٌ9 من قول الشاعر10:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015