الثالث من صفر عام 648 هـ السابع من مايو آيار 1250 هـ، في ذروة احتفال مصر بهزيمة لويس التاسع ملك فرنسا وحملته الصليبية السابعة، ومغادرتهم لدمياط، ولقبوها باسم "الملكة عصمة الدين شجر الدر والستر العالي والدة الملك خليل"1 ودعواها على المنابر، وكانت علامتها "والدة خليل" كما كان نص الدعاء لها على المنابر: "احفظ اللهم الجهة العالية الصالحية ملكة المسلمين، عصمة الدنيا والدين، أم خليل المستعصمية، صاحبة الملك الصالح" كما نقشوا على السكة "المستعصمية الصالحية، ملكة المسلمين، والدة خليل، أمير المؤمنين"2.
وعينوا عز الدين أيبك3 الجاشنكير الصالحي المعروف بالتركماني أحد أمراء البحرية من الصالحية أتابكا في ربيع الآخر سنة 648هـ4، ويبدو آن هذا التعيين لم يكن لأن أيبك كان أقوى الأمراء5 وإنما لتجنب حلول أقطاي في هذا المركز لما كان الأمراء يخشونه من قوته وتسلطه6.
لقد اشتهرت شجر الدر بالدهاء حتى وصفها ابن اياس بأنها "صعبة الخلق، قوية البأس، ذات شهامة زائدة، وحرمة وافرة، سكرانة من خمرة التيه والعجب"7 وقد سبق وبينت مقدرتها الإدارية في إخفاء موت زوجها الملك الصالح بحجة مرضه، حتى لا ينخذل المسلمون أمام الصليبيين، وكيف قامت بنقله إلى القاهرة ودفنته سرا في قلعة الروضة، في حين أرسلت تستدعي أبنه تورانشاه من حصن كيفا، وحال حضوره سلمت إليه السلطة.
كان أول ما قامت به شجر الدر بعد تسلمها السلطة أن صفت الموقف مع الصليبيين، ففاوضت لويس التاسع ملك فرنسا، وقائد الحملة الفاشلة، واتفقت معه على رحيله من مصر وتسليم دمياط، وذلك في يوم الأحد الرابع من صفر 648 هـ الثامن من مايو 1250 م، ونص هذا الاتفاق على أن ينسحب لويس من دمياط ويردها إلى المصريين،