ومنها إثباته علوما حادثة للباري تعالى1 لا في محل. قال: لا يجوز أن يعلم الشيء قبل خلقه؛ لأنه لو علم ثم خلق, أفبقي علمه على ما كان أم لم يبق؟ فإن بقي فهو جهل، فإن العلم بأن سيوجد غير العلم بأن قد وجد. وإن لم يبق فقد تغير، والمتغير مخلوق ليس بقديم. ووافق في هذا المذهب هشام بن الحكم كما تقرر. قال: وإذا ثبت حدوث العلم فليس يخلو: إما أن يحدث في ذاته تعالى، وذلك يؤدي إلى التغير في ذاته، وأن يكون محلا للحوادث، وإما أن يحدث في محل فيكون المحل موصوفا به، لا الباري تعالى، فتعين أنه لا محل له. فأثبت علوما حادثة بعدد الموجودات المعلومة.
ومنها قوله في القدرة الحادثة: إن الإنسان لا يقدر على شيء، ولا يوصف بالاستطاعة، وإنما هو مجبور في أفعاله؛ لا قدرة له، ولا إرادة، ولا اختيار، وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات، وتنسب إليه الأفعال مجازا كما تنسب إلى الجمادات، كما يقال: أثمرت الشجرة، وجرى الماء، وتحرك الحجر، وطلعت الشمس وغربت، وتغيمت السماء وأمطرت، واهنتزت الأرض وأنبتت، إلى غير ذلك والثواب والعقاب جبر، كما أن الأفعال كلها جبر. قال: وإذا ثبت الجبر فالتكليف أيضا كان جبرا.
ومنها قوله: إن حركات أهل الخالدين تنقطع، والجنة والنار تفنيان بعد دخول أهلهما فيهما وتلذذ أهل الجنة بنعيمها، وتألم أهل النار بجحيمها؛ إذ لا تتصور حركات لا تتناهى آخرا، كما لا تتصور حركات لا تتناهى أولا. وحمل قوله تعالى: