والجبائي وأبو هاشم قد وافقها أهل السنة في الإمامة، وأنها بالاختيار، وأن الصحابة مترتبون في الفضل ترتبهم في الإمامة، غير أنهم ينكرون الكرامات أصلا للأولياء من الصحابة وغيرهم، ويبالغون في عصمة الأنبياء عليهم السلام عن الذنوب كبائرها وصغائرها، حتى منع الجبائي القصد إلى الذنب إلا على تأويل. والمتأخرون من المعتزلة مثل القاضي عبد الجبار1 وغيره انتهجوا طريقة أبي هاشم. وخالفه في ذلك أبو الحسين البصري، وتصفح أدلة الشيوخ واعترض على ذلك بالتزييف والإبطال، وانفرد عنهم بمسائل: منها نفي الحال، ومنها نفي المعدوم شيئا، ومنها نفي الألوان أعراضا، ومنها قوله إن الموجودات تتمايز بأعيانها، وذلك من توابع نفي الحال، ومنها رده الصفات كلها إلى كون الباري تعالى عالما، قادرا، مدركا. وله ميل إلى مذهب هشام بن الحكم في أن الأشياء لا تعلم قبل كونها. والرجل فلسفي المذهب، إلا أنه روج كلامه على المعتزلة في معرض الكلام فراج عليهم لقلة معرفتهم بمسالك المذاهب.