قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "في إثبات الشارع خيار المجلس في البيع حكمة ومصلحة للمتعاقدين، وليحصل تمام الرضى الذي شرطه تعالى بقوله: {عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} ؛ فإن العقد يقع بغتة من غير ترو ولا نظر في القيمة؛ فاقتضت محاسن هذه الشريعة الكاملة أن يجعل للعقد حرما يتروى فيه المتبايعان، ويعيدان النظر، ويستدرك كل واحد منهما؛ فلكل من المتبايعين الخيار هذا الحديث الشريف؛ ما لم بأبدانهما من مكان التبايع، فإن أسقطا الخيار؛ بأن تبايعا على أن لا خيار لهما، أو أسقطه أحدهما؛ سقط، ولزم البيع في حقهما أو حق من أسقطه منهما بمجرد العقد؛ لأن الخيار حق للعاقد، فيسقط بإسقاطه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "ما لم يتفرقا، أو يختر أحدهما الآخر"، ويحرم على أحدهما أن يفارق أخاه بقصد إسقاط الخيار؛ لحديث عمرو بن شعيب، فيه: "ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقبله".
ثانيا: خيار الشرط: بأن يشترط المتعاقدان الخيار في صلب العقد أو بعد العقد في مدة خيار المجلس مدة معلومة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم"، ولعموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ،