لهم يقال له خيران، ثمّ إلى خادم يقال له خفيف (?). فأهداه خفيف إلى الإمام المنصور بالله أبي الطاهر إسماعيل، فنحله (?) ابنه الإمام المعزّ لدين الله وهو صغير فربّاه حتّى بلغ مبالغ الرجال في خدمته، وكنّاه بأبي الحسين ورقّاه في الخدم إلى أن قام في الخلافة بعد أبيه (?).
و[لمّا] كانت [سنة] خمس وأربعين وثلاثمائة ارتفع أمر جوهر، وصار إلى رتبة الوزارة.
ثمّ أخرجه المعزّ في يوم الخميس لتسع خلون من صفر سنة سبع وأربعين [وثلاثمائة] على عسكر عظيم بالعدّة والقوّة ليتوجّه به إلى المغرب. وكتب له أن يأخذ من كلّ كورة مرّ عليها عددا معلوما.
وكتب إلى جعفر بن علي الأندلسي وزيري بن مناد الصنهاجيّ ويعلى بن محمّد الزناتيّ أن يخرجوا معه بعساكرهم. فخرجوا معه حتّى وصلوا إلى تاهرت فتلقّاه يعلى بن محمّد الزناتي وكان صاحب المغرب، وأكرمه وقام له بالوظائف والعلف أيّاما، غير أنّ أهل مدينة إفكان كانوا إذا باعوا أهل عسكر جوهر شتموهم واستخفّوا بهم، ومع ذلك فكان يعلى لم يسارع بالمسير مع جوهر. فلمّا رحل جوهر بعساكره من عند يعلى، مشى يعلى ليشيّعه.
فسار جوهر، وأخذ العسكر في رفع أثقالهم إذ سمع صياحا عظيما. فقال: ما هذا؟
فقيل له: أصحاب يعلى قد ضربوا على ساقة العسكر وقد شغبوا.
فقال يعلى: أنا أمضي لأفرّقهم.
فمنعه جوهر من المضيّ وزاد الصياح. فأمر جوهر بيعلى فأرجل عن فرسه وأركب على بغلة.
ثمّ زاد الأمر فأمر جوهر بيعلى فأنزل عن البغلة ومشى بين يديه راجلا، فاشتدّ الأمر ونهبت الزوامل (?) فأتى أبو طاعة بن يصل الكتاميّ إلى جوهر، وقال: «السيف يعمل في عسكرنا وهذا حيّ»! فجرّد سيفه فضرب يعلى [ف] أطار رأسه ورفعها على قناة وحملها إلى موضع القتال. فلمّا رآها أصحابه انهزموا فمال عليهم العسكر حتّى بلغوا بهم إلى إفكان، والسيف يعمل فيهم فدخلوا إفكان بالسيف، فقتل أكثر أهلها ونهب كلّ ما فيها، وأسر يدو بن يعلى، ثمّ هدمت إفكان، وحرّقت بالنار، وذلك كلّه يوم الاثنين (?) الثاني من جمادى الأولى [347].
ورحل جوهر حتّى [358 ب] انتهى إلى فاس وبها أحمد بن بكير، فامتنع من جوهر وقاتلة مدّة، فلم يقدر عليه جوهر ورحل عن فاس إلى سجلماسة. فلمّا قرب منها فرّ عنه محمّد بن الفتح الملقّب بالشاكر لله أمير المؤمنين، وكان قد تغلّب عليها ستّ عشرة سنة. ثمّ أخذ أسيرا وحمل إلى جوهر في يوم الأربعاء لثمان خلون من رجب [347] بغير حرب. فمضى جوهر إلى البحر المحيط، وأمر أن يصطاد له من حيتانه، وجعلها