على الطرق. وعند ما نزل القرامطة على الرحبة أكرمهم أبو تغلب، وبعث إلى الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الجنّابي المعروف بالأعصم كبيرهم، يقول له: هذا شيء أردت أن أسير أنا فيه بنفسي، لكنّي مقيم في هذا الموضع إلى أن يرد إليّ خبرك، فإن احتجت إلى [302 أ] مسيري سرت إليك.
ونادى في عسكره: من أراد السير من الجند الإخشيديّة وغيرهم إلى الشام مع الحسن بن أحمد، فلا اعتراض لنا عليه، وقد أذنّا له في المسير، والعسكران واحد.
فخرج إلى القرامطة كثير من الإخشيديّة الذين كانوا بمصر وفلسطين ممّن فرّ من جوهر وجعفر بن فلاح. وكان جعفر لمّا أخذ طبريّة بعث إلى أبي تغلب بن حمدان بداع يقال له أبو طالب التّنوخي يقول له: «إنّا سائرون إليك فتقيم لنا الدعوة». فلمّا قدم الداعي على أبي تغلب وهو بالموصل وأدّى الرسالة، قال له: «هذا ما لا يتمّ، لأنّا في دهليز بغداد والعساكر منّا قريبة. ولكن إذا قربت عساكركم من هذه الديار أمكن ما ذكرته».
[385 ب] فانصرف بغير شيء.
ثمّ إنّ الحسن بن أحمد القرمطي سار عن الرحبة إلى أن قرب من دمشق. فجمع جعفر خواصّه واستشارهم، فاتّفقوا على أن يكون لقاء القرامطة في طرف البريّة قبل أن يتمكّنوا من العمارة. فخرج إليهم وقاتلهم قتالا شديدا، فانهزم عنه عدّة من أصحابه، فولّى في عدّة ممّن معه.
وركب القرامطة أقفيتهم وقد تكاثرت العربان من كلّ ناحية وصعد الغبار، فلم يعرف كبير من صغير. ووجد جعفر قتيلا (?)، لا يعرف له قاتل.
وكانت هذه الوقعة يوم الخميس لستّ خلون من
ذي القعدة سنة ستّين وثلاثمائة. فامتلأت أيدي القرامطة بما احتووا عليه من المال والسلاح وغيره. وخرج محمّد بن عصودا إلى جثّة جعفر بن فلاح وهي مطروحة على الطريق فأخذ رأسه وصلبه على حائط داره، وأراد بذلك أخذ ثأر أخيه إسحاق بن عصودا.
وملك القرامطة دمشق. وورد الخبر بذلك على جوهر القائد فاستعدّ لحرب القرامطة.
وكان جعفر أحمق هذّارا كثير الكلام، أكثر كلامه بغير طائل. وكان يحسد جوهر القائد لتقدّمه عليه.
وكاتب المعزّ فيه كما هو مذكور في ترجمة جوهر (?).