وبكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها، والسلام.
ويقال إنّه كتب: باسم فاطر السماوات، ومنزل البركات، والإنجيل والتوراة، الواصف نفسه في الإنجيل صاحب التحريم والتحليل. من المقوقس إلى محمّد بن عبد الله. أمّا بعد، فقد ورد كتابك وقرأته وفهمته. وأنت تقول إنّ الله أرسلك رسولا، وفضّلك تفضيلا، وأنزل عليك كتابا مبينا. فكشفنا عن خبرك فوجدناك أقرب داع إلى الحقّ، وأفضل من تكلّم بالصدق. ولولا أنّي ملكت ملكا عظيما، كنت أوّل من آمن بك. ولكنّ النفس لا تميل إلى ترك دين نشأ فيه الصغير، واستمرّ عليه الكبير.
وأنا أعوذ بالله من متاركتك إلى أن يدين بدينك الخ [ل] ق في جميع البلاد. وإنّي خاتم على كتابك وجاعله عندي. وما بيني وبينك إلّا أن يقهر جيرانك من العرب، ويهلك الملكان كسرى وقيصر. فإذا استقام لك الأمر كنّا في جملة من دان لك، والسلام.
وإنّه بعث مع حاطب هديّة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فيها فرس بسرجه ولجامه، وبغلة شهباء بسرجها ولجامها، وحمار أشهب، وجارية سوداء، وجارية بيضاء من أجمل نساء القبط اسمها مارية، وغلام مجبوب، وطيب وعمامة وألف دينار، وثياب من قباطيّ مصر، وعسل من عسل بنها.
وقيل: بل أهدى إليه أربع جوار، منهنّ جاريتان أختان وهما مارية وسيرين من حفن إحدى ضياع أنصنا (?) لهما شأن في القبط عظيم وجمال بارع لم يكن بمصر أحسن منهما، وغلاما مجبوبا يقال له مابور [ ... ] وحمارا أشهب، وبغلة شهباء بسرجها ولجامها، وفرسا، وألف مثقال ذهبا،
وعشرين ثوبا من قباطيّ مصر، مع طرف من طرفهم، وعسلا من عسل بنها وربعة إسكندرانيّة كان صلّى الله عليه وسلم يعمل فيها جهازه من مكحلة ومشط وما سوى ذلك.
ووهب لحاطب مائة دينار وخمسة أثواب وأحسن ضيافته.
وقد قيل إن يعفورا حمار النبيّ صلّى الله عليه وسلم إنّما هو من هديّة فروة بن عمرو الجذاميّ عامل قيصر على عمان.
وأمر رسوله ابن جبر (?) أن ينظر من جلساء النبيّ صلّى الله عليه وسلم وينظر إلى ظهره هل يرى شامة كبيرة ذات شعر، ففعل ذلك الرسول. فلمّا قدم على [369 أ] رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ذي القعدة من السنة المذكورة قدّم إليه الأختين والدّابّتين والعسل والثياب وغيرها، وأعلمه أنّ ذلك كلّه هديّة. فقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلم الهديّة وكان لا يردّها من أحد من الناس. فلمّا نظر إلى مارية وأختها سيرين- ويقال: حنّة وقيل: قيصرا- أعجبتاه، وكره أن يجمع بينهما، وكانت إحداهما تشبه الأخرى، فقال: اللهمّ اختر لنبيّك! - فاختار الله له مارية، ووهب أختها لمحمّد بن مسلمة الأنصاريّ- وقيل: بل وهبها لدحية بن خليفة الكلبيّ.
وقيل: بل أهدى المقوقس لرسول الله ثلاث جوار، منهنّ مارية أمّ إبراهيم عليها السلام، وواحدة وهبها لأبي جهم بن حذيفة العبدريّ، وواحدة وهبها لحسّان بن ثابت. وكانت البغلة والحمار أحبّ دوابّه إليه صلّى الله عليه وسلم، وسمّى البغلة الدلدل وسمّى الحمار يعفور، وأعجبه العسل فدعا في عسل بنها بالبركة. وبقيت تلك الثياب حتى كفّن في بعضها صلّى الله عليه وسلم.