المقفي الكبير (صفحة 909)

سيّار بن عمرو بن جابر الفزاريّ، أخت تماضر بنت منظور أمّ بني عبد الله بن الزبير الأكابر، لأبيها وأمّها. فقام في المرمر (?)، وهشام بن إسماعيل على المنبر، فقال له: سبّ آل الزبير! - فأبى.

فأقبل هشام على حرسيّ إلى جنبه، فقال له:

اضربه! - وعلى حسن قميص كتّان، وكان رجلا رقيقا، فضربه الحرسيّ ضربة بالسوط أسرعت في جلده حتى سال دمه تحت قدمه في المرمر. فقال حسن: إنّ لآل الزبير رحما أبلّها ببلالها وأربّها بربابها.* وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ [غافر: 41].

فلمّا رأى أبو هاشم عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب امتناع الحسن وما لقي، قام فقال: أصلح الله الأمير، عندي ما تريد.

قال: هلمّ لك! - وقال للحسن: اجلس!

فقام أبو هاشم فسبّ آل الزبير. وقام عبد الله بن عروة بن الزبير، وحمزة بن عبد الله بن [344 ب] الزبير فسبّا آل عليّ.

وكان ثابت بن عبد الله بن الزبير غائبا عن هذا الخطب. فلمّا قدم جاء إلى هشام بن إسماعيل، فقال: أيّها الأمير، إنّي كنت غائبا، ومثلي لا يغيب عن مثل هذا المشهد.

فقال هشام: ذلك موطن قد تفادى منه الناس، فما تصنع به؟

قال: آخذ بحظّي من ذلك.

فجمع له الناس، ثمّ قام فاستقبل الناس، فقال:

لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ [المائدة: 78]. ثمّ قال: بم أيّها

الناس لعنوا؟ - كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة: 79]. لعن الله من لعنه كتاب الله! ولعن من لعنته قوارع القرآن! لعن الله المتمنّي ما ليس له، هو أقصر باعا، وأوهن ذراعا! لعن الله ابن شرّ العضاه، أقصرها فرعا، وأقلّها مرعى. لعنه الله ولعن الذي أخذ حباءه! لعن الله الأثعل (?) الأحول المترادف الأسنان- الرامي أمير المؤمنين عثمان برءوس الأقانيز (?)، ثمّ قال: إنّ الله رماك- وكذب لو رماه ما أخطأه! - المتوثّب في الفتن توثّب الحمار في القيد، لعنه الله ولعن التي كانت تحته! لعن الله العقلاء الوطباء التي بيعت بسوق ذي المجاز بغير عهدة، لعنها الله ولعن تفرّد قفاها! .

فأقبل عليه هشام (?)، فقال [345 أ]: ما أراك تسبّ منذ اليوم إلّا رهط أمير المؤمنين- وأمر به إلى السجن. فأخذه الأعوان يسحبونه يقع مرّة إلى السجن. فأخذه الأعوان يسحبونه يقع مرّة ويقوم أخرى، حتى مرّ برجل قاعد قد كان أقيم مع من أقيم، هو ورجلان معه، فقال: أبعدك الله! .

فقال له ثابت: أما والله، ما عذرا إليك! ما منعني أن أذكر خالك نسيان، ولكنّي كنت في مقام ذكر فيه الأشراف، ولم يكن منهم، فكرهت أن أخلطه بهم.

وانطلقوا به إلى السجن. ولقيه آخر من الثلاثة الذين أقيموا ليسبّوا آل الزبير وآل عليّ، فقال له ثابت: أنت الشاتم عبد الله بن الزبير؟ والله ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015