المقفي الكبير (صفحة 687)

ثم سار على العساكر من مصر وخرجت معه عساكر الشام إلى أياس (?) كرسيّ مملكة سيس فنازلها وقاتل أهلها برّا وبحرا ونصب عليها المجانيق حتى أخذها من الأرمن عنوة في حادي عشرين ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين، فوجد فيها ألفا وثمانمائة نول قزازة (?) وضمانها في كلّ يوم ألف دينار، فحاز العسكر فيها مالا كبيرا، وخرّب برجها وكان في غاية المنعة. ثم [أ] غاروا على بلاد تكفور (?) وغنموا مالا عظيما وعادوا إلى بلادهم، وقدم الأمير آقوش إلى القاهرة.

ثم خرج في ثاني صفر سنة اثنتين وعشرين، ومعه من الأمراء سنجر الجمقدار، وألماس الحاجب، وطرجي أمير مجلس، وأصلم السلاح دار، ومضى فيهم على عسكر لغزو سيس، فسار إلى دمشق، وخرجت معه عساكر بلاد الشام، فأغار على بلاد سيس وخرّب وغنم وقتل، وعاد في سابع عشرين جمادى الآخرة، فخلع عليه، وشكره السلطان على ما كان منه.

ثم ولّاه نظر المارستان المنصوريّ بعد القبض على كريم الدين الكبير عوضا عنه في ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين، فوجد فيه حاصلا أربعمائة ألف درهم وسكّرا وغيره من الأصناف بمائة ألف درهم، فلم يتعرّض للمال. واستجدّ قاعة بالمارستان للمرضى، ونحت [210 ب] جميع حجارة المارستان، والمدرسة والقبّة داخلا

وخارجا وعلوّا وسفلا، وأعاد ذهب الطّراز المكتوب حتّى عاد كأنه جديد. وعمل خيمة طولها مائة ذراع تظلّ الأقفاص التي يباع بها خارج المارستان من الشمس وأحكمها بأطناب فيما بين أوّل جدار القبّة والمدرسة وبأعلى جدار المدرسة تجاه الصالحيّة، وكانت باعة الأقفاص تتضرّر من حرّ الشمس فزال عنهم ذلك (?). وقام بمصروف هذا كلّه من ماله دون مال الوقف. وكان يكشف أحوال المجانين ويدخل بهم إلى الحمّام ويكسوهم الثياب، وأحضر لهم يوما جماعة فغنّوهم ورقصوا على الغناء. وكان يبرّ مباشري المارستان من ماله ويطلع في الليل إلى المئذنة ليتفقّد المؤذّنين. وكان للمارستان به حرمة وافرة لا يجسر أحد أن يرمي على سكّان أوقافه شيئا من بضائع السلطان ولا يتعرّض لهم بسوء.

وخرج أمير ركب الحاجّ في سنة سبع وعشرين فحجّ بالناس، وعاد في خامس عشرين المحرّم سنة ثمان وعشرين.

ثمّ خرج في أوّل سنة أربع وثلاثين إلى نيابة طرابلس عوضا عن [قرطاي]، وسبب ذلك ميله إلى الأمير ألماس الحاجب كما ذكر في ترجمته (?)، وقوّة نفسه، ووفور حرمته بحيث إنّ السلطان يقوم له كلّما دخل إلى الخدمة، مع معارضة السلطان في أغراض له. ثمّ أخذ في إنكار ظلم النشو ناظر الخاصّ والغضّ منه، فأراد السلطان إزاحته عنه فطلب أستداره عزّ الدين المصريّ وحمّله إليه رسالة تتضمّن أنّ السلطان كثر حياؤه منه لكبر سنّه، وأنّه ما بقي يليق به المشي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015