المقفي الكبير (صفحة 592)

المعروف بالشقيّ الأحول، كاتب برلغي ويعرف أيضا بمستوفي الحاشية.

كان من جملة كتّاب مصر النصارى، فدخل في دين الإسلام وعرف بأستاذه برلغي الأشرفيّ.

وباشر في استيفاء (?) الحاشية السلطانيّة، فعرف بذلك مدّة.

ثمّ استقرّ في نظر الدولة بعد موت التاج الطويل عبد الرحمن (?) في ذي القعدة سنة إحدى عشرة وسبعمائة. وفي مباشرته أبطل السلطان الوزارة، بعد صرف أمين الملك عبد الله ابن الغنّام (?). فكثر تمكّن الأسعد. واتّفق أنّه منع [أرباب] الرواتب من مراتبهم من استقبال سنة ست عشرة [وسبعمائة]، وأحيلوا على جهات غير طائلة لا تفي لهم إلّا بشيء يسير [179 ب]، وجعلت سنتهم ثمانية أشهر، كانت نستراوة (?) أحسن جهاتهم التي أحيلوا بها، ثمّ صولحوا عن الثمانية أشهر بثلثها، شهرين وثلثي شهر. ثمّ أحيلوا على المطابخ فتحصّل من الدينار سدسه، وكثر تبذّل الحرم وذلّة الأيتام عند عرضهم وتردّدهم إلى أبواب الأقباط.

وتولّى ذلك الصاحب سعد الدين محمّد [بن محمّد] بن عطايا، والسعيد مستوفي الرواتب، فكثر الدعاء وجهر الناس بالسوء، وسمّوهما:

سعد الذابح وسعد بلع (?).

ومات وهو ناظر الدولة في ليلة الاثنين ثامن شهر رجب سنة ستّ عشرة وسبعمائة، ودفن بالقرافة.

وكان هو حسّن للسلطان روك أراضي مصر، وذلك أنّه لمّا بلغه عن السلطان أنّه تقلّق من البرجيّة، وهم يومئذ جمهرة عسكر مصر، وأنّهم أخذوا معظم البلاد، حتى لم يبق للسلطان خاصّ يقوم بكلفه (?)، اجتمع به حينئذ سرّا وحدّثه في الروك، وارتجاع بلاد تقوم بالكلف وزيادة، فأعجبه ذلك. وتقدّم للفخر محمد ابن فضل الله ناظر الجيش بعمل أوراق على ما رتّبه التقيّ هذا.

فلمّا كملت حضر لقراءتها على السلطان. فأنكر الفخر على التقيّ ترتيبها وقال له: أنت قصدك ترمي بين السلطان وبين مماليكه.

فمال السلطان مع التقيّ على الفخر. فثبت الفخر، وحلف بحياة رأس السلطان، لا أوافق على ما في هذه الأوراق! - وخوّفه عاقبتها. وما زال به حتى أمر بها فغيّرت وزيد في عبرة إقطاعات الأمراء والأجناد. وعرف الأمراء ما عمله التقيّ فسبّوه ولعنوه، وأخذوا في تقبيح صورته عند السلطان إلى أن غضب عليه وأحضره وسبّه ولعنه وهدّده بأن يسلخ جلده ويرميه إلى الكلاب.

[150 ب] فاشتدّ خوفه وتعلّل من حينئذ فلم يفلح بعدها ومات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015