وعمّر [قاعة] الدهيشة (?) بقلعة الجبل وأنفق عليها مالا جزيلا يقال إنّه خمسمائة ألف درهم، سوى ما حمل إليه من التقادم الشاميّة. وعمل فيها من الآلات الذهب والفضّة، ومن الفروش ما يجلّ وصفه. فلم يتهنّ [أ] بالنعمة ومرض أيّاما، ومات ليلة الخميس رابع شهر ربيع الآخر سنة ستّ وأربعين وسبعمائة، وقد أوصى بالسلطنة لأخيه شقيقه شعبان بن محمّد.
وكان خير إخوته، وأحسنهم شكلا، له وجه حلو أبيض بصفرة، وعلى خدّه خال.
ابتدأ دولته بدين وعفّة وعدل، وقام بتدبيرها زوج أمّه، [162 ب] الأمير سيف الدين أرغون العلائيّ.
وكان وادعا ساكنا قليل الشرّ، إلّا أنّ النساء والخدّام كانوا مستولين عليه، لشدّة ميله إلى النساء، لا سيّما السودان منهنّ، فلها بهنّ عن تدبير الملك، ومكّنهنّ من جميع أغراضهنّ، حتّى كان إذا ركب إلى نحو الأهرام، إلى ناحية سرياقوس، ركبت جواريه مع أمّه في نحو المائتي امرأة، وسيّرن على الأكاديش (?) بألوان الحرير، وعلى رءوسهنّ الطراطير البرغالي (?)، المرصّعة بالجوهر. وكنّ يركبن الخيول العربيّات ويتسابقن ويلعبن بالكرة ويتنوّعن في اللهو.
وبلغت الخدّام أيضا في أيّامه مبلغا عظيما، واقتنوا الخيول المسوّمة، وأخذوا الأراضي الكثيرة، وجعلوها رزقا أحباسيّة، وأثروا ثراء زائدا، وتحكّموا في الدولة، حتّى كان الأمير آل
ملك النائب إذا رفعت إليه قصّة بطلب خبز أو رزق يقول لرافعها: النائب ما له حكم. اذهب إلى باب الستارة واسأل عن الطواشيّ فلان أو عن فلان [178 أ] يقضوا شغلك.
وأنفق أيضا جملة في العمارة مع توقّف حال الدولة. ولمّا فرغت الدهيشة التي عمّرها بقلعة الجبل، عمل بها مهمّا لجواريه بالغ فيه على قدر الهمّة في ذلك الوقت.
[و] قدم عليه رأس أحمد أخيه من الكرك.
فعند ما رآه أخذته الرعدة وتغيّر لونه وتكدّرت حياته واعتراه الفزع في نومه، وتعلّل. وبالجملة كان أشبه بطباع النساء منه بطباع الملوك، لرقّة قلبه، وكثرة حنوّه، وكرمه، واستمالته مع من يستميله.
[153 ب] أسعد بن واهب المعافريّ. يروي عن واجب بن عبد الله المعافريّ (?) روى عنه ياسين بن عبد الواحد بن أبي زرارة بن عاصم القتبانيّ (?).
[160 أ] إسماعيل بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن محمّد بن خالد بن محمّد بن نصر،