المقفي الكبير (صفحة 435)

الله عزّ وجلّ، أحسن فيه، ونزع في صدره باتّباع السنّة والانقياد للآثار، وكتاب أخبار الشعراء، وكتاب أدب الكتّاب، وكتاب أدب الملوك، وكتاب التفّاحة في النحو (?).

قال الزبيديّ: وكان واسع العلم غزير الرواية، ولم يكن له مشاهدة، فإذا خلا بقلمه جوّد وأحسن. وكان لا يتكبّر أن يسأل الفقهاء وأهل النظر ويفاتشهم عمّا أشكل عليه في تأليفاته.

وكان يحضر حلقة ابن الحدّاد الشافعيّ، وكانت لابن الحدّاد ليلة في كلّ جمعة يتكلّم فيها عنده في مسائل الفقه على طرائق النحو. وكان لا يدع حضور مجلسه تلك الليلة.

قال: حدّثني قاضي القضاة [بالأندلس]، منذر ابن سعيد [البلّوطي] (?) قال: أتيت ابن النحّاس في مجلسه فألفيته يملي في أخبار الشعراء، شعر قيس بن معاذ (?) المجنون، حيث يقول [الطويل]:

خليليّ، هل بالشام عين حزينة ... تبكّي على نجد، لعلّي أعينها

قد اسلمها الباكون إلّا حمامة ... مطوّقة باتت وبات قرينها

فلمّا بلغ هذا الموضع قلت: باتا يفعلان ماذا، أعزّك الله؟

فقال لي: وكيف تقول أنت يا أندلسيّ؟

قلت: بانت وبان قرينها.

فسكت. (قال القاضي) فما زال يستثقلني بعدها حتى منعني كتاب العين، وكنت ذهبت إلى

الانتساخ من نسخته. فلمّا قطع بي، قيل لي: أين أنت من أبي العبّاس بن ولّاد؟ - فقصدته فلقيت رجلا كامل العلم والأدب، حسن المروءة. فسألته الكتاب فأخرجه إليّ: ثمّ تندّم أبو جعفر حين بلغه إباحة أبي [58 ب] العبّاس كتابه لي، وعاد إلى ما كنت أعرفه منه.

وكان أبو جعفر النحّاس لئيم النفس شديد التقتير على نفسه. وكان ربّما أهديت إليه العمامة فيقطعها على ثلاث عمائم. وكان يأبى (?) شراء حوائجه بنفسه ويتحامل [154 ب] فيها على أهل معرفته (?).

وتوفّي بمصر لثلاث خلون من ذي الحجّة سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة.

وذكر الوزير أبو الحسن عليّ بن يوسف القفطيّ أنّه جلس على درج المقياس بمصر على شاطئ النيل في مدّة زيادته، ومعه كتاب في العروض، وهو يقطّع بحرا منه، فسمعه بعض العوامّ فقال:

هذا يسحر النيل حتى لا يزيد فتغلو الأسعار- فدفعه برجله فذهب في المدّ فلم يوقف على جسده.

(قال) وتوفّي سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة.

664 - القاضي ابن صصرى [655 - 723] (?)

[63 أ] أحمد بن محمد بن سالم بن الحسن بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015