صلّيت قالوا: زوكر (?) ... ما أكثر فضول الناس
فأعجبني.
وذكر له أنّ جارية النطّاع تغنّي غناء في غاية الحسن، فقال: أمرها عندي خفيف.
وقال لفتح الدين ابن سيّد الناس: ما يعجبك أن يكون عندك عوّادة؟
قال: ما أكره ذلك- وأنشده لبعضهم [الكامل] (?):
غنّت فأخفت صوتها في عودها ... فكأنّما الصوتان صوت العود
هيفاء تأمر عودها فيطيعها ... أبدا ويتبعها اتّباع ودود
وكأنّما الصوتان حين تمازجا ... ماء الغمامة وابنة العنقود [167 أ]
فقال: أعد عليّ!
فأعدت عليه فحفظه.
وكان عديم البطش قليل المقابلة على الإساءة.
كلّمه قطب الدين ابن الشاميّة بحضرة الناس كلاما تألّم منه، وقام من المجلس، وظنّ الناس أنّه يقابله فلم يفعل. وسألوه عن ذلك فقال: خشيت أن يعيّر بذلك.
وكان بمجلس الحكم بدار الحديث الكامليّة، وإذا بشخص هجم وقصده، فمنعه الرسل منعا عنيفا. فرماهم بيديه وقال بصوت قويّ: من هو هذا حتّى تمنعوني عنه؟ خليفة هذا؟
فنظر إليه لحظة وعمل بيديه: ما فيك تأنّ؟
وهجاه برهان الدين إبراهيم الحنفيّ وقد عزله من مباشرة وقف. فلمّا بلغته الأبيات قال له: يا فقيه، بلغني أنّك هجوتني؟
فسكت البرهان، فقال: أنشدني! وألحّ عليه فأنشده [الطويل]:
وليت فولّى الزهد عنك بأسره ... وبان لنا غير الذي كنت تظهر
ركنت إلى الدنيا وعاشرت أهلها ... ولو كان عن جبر لقد كنت تعذر
فسكت زمانا وقال: ما حملك على هذا؟
قال: أنا رجل فقير، وأباشر وقفا، وقد أخذه منّي فلان.
فقال: ما علمت بهذا، أنت على حالك.
فباشر الوقف مدّة، ثمّ أتاه يستأذنه في الحجّ.
فقال: هل معك هجو آخر؟
قال: لا، ولكنّي جئت أستأذن سيّدي في الحجّ.
فقال: مع السلامة، وما نغيّر عليك.
وهجاه عبد اللطيف القفصيّ، فقال: بلغني أنّك هجوتني فأنشدني!
فأنشده بلّيقة أوّلها:
قاضي القضاة أعزل نفسه ... لمّا ظهر للناس نحسه
فقال: هجوت جيّدا.
(قال): وله نثر أحسن من نثر الدرر.
وله نظم فائق. وأنشد له [الطويل]:
وقائلة: مات الكرام، فمن لنا ... إذا عضّنا الدهر الشديد بنابه؟