المقفي الكبير (صفحة 2024)

فبلغ الشافعيّ ذلك، فتبسّم، وأنشأ يقول [الطويل]:

تمنّى رجال أن أموت فإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد

فقل للّذي يبغي خلاف الذي مضى ... تهيّأ لأخرى مثلها فكأن قد

وقد علموا لو ينفع العلم عندهم ... لئن متّ ما الداعي عليّ بمخلد (?)

[167 ب] وقال الربيع: كنت عند الشافعيّ إذ جاءه رجل برقعة فقرأها ووقّع فيها. فمضى الرجل، وتبعته إلى باب المسجد فقلت: «والله لا

يفوتني فتيا الشافعيّ! » فأخذت الرقعة من يده فوجدت فيها [الطويل]:

سل المفتي المكّيّ هل في تزاور ... وضمّة مشتاق الفؤاد جناح؟

وقد وقّع الشافعيّ فيها:

فقلت: معاذ الله أن يذهب التقى ... تلاصق أكباد بهنّ جراح

قال الربيع: فأنكرت على الشافعيّ أن يفتي لحدث مثل هذا، فقلت: يا أبا عبد الله، تفتي بمثل هذا لمثل هذا الشابّ؟

فقال لي: يا أبا محمّد، هذا رجل هاشميّ، قد عرّس في هذا الشهر- يعني شهر رمضان- وهو حدث السنّ، فسأل هل عليه جناح أن يقبّل أو يضمّ من غير وطء، فأفتيته بهذا.

قال الربيع: فأتيت الشابّ فسألته عن حاله، فذكر لي أنّه مثل ما قال الشافعيّ. (قال): فما رأيت فراسة أحسن منها.

وقال أبو يعقوب البويطيّ: قلت للشافعيّ: قد قلت في الزهد، فهل في الغزل شيء؟

فأنشدني [البسيط]:

يا كاحل العين بعد النوم بالسّهر ... ما كان كحلك بالمنعوت للبصر

لو أنّ عيني إليك الدهر ناظرة ... جاءت وفاتي ولم أشبع من النظر

سقيا لدهر مضى ما كان أطيبه ... لولا التفرّق والتنغيص بالسفر

إنّ الرسول الذي يأتي بلا عدة ... مثل السحاب الذي يأتي بلا مطر

وقال الربيع: سمعت الشافعيّ في قصّة ذكرها يقول [الطويل]:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015