إن تسقنا الماء فما هي بالبدع ... أو يعطش القوم فجند مقتطع
ما شئت من رأي وما شئت ... فدع (?)
فقال الأشتر: ادن منّي يا حار! - فدنا منه فقبّل رأسه وقال: لا يتبع هذا اليوم إلّا خير!
ثمّ قال يحرّض أصحابه: نفسي فداؤكم، شدّوا شدّة المحرج الراجي للفرج، فإذا نالتكم الرماح فالتووا فيها، وإذا عضّتكم السيوف فليعضّ الرجل على نواجذه، فإنّه أشدّ لشئون الرأس، ثمّ استقبلوا القوم بهامكم!
وقتل الأشتر في تلك المعركة سبعة، أحدهم رجل من أهل الشام اسمه صالح بن فيروز العكّي، خرج فقال [الرجز]:
يا صاحب الطرف الحصان الأدهم ... أقدم إذا شئت علينا أقدم
أنا ابن ذي العزّ وذي التكرّم ... سيّد عكّ كلّ عكّ فاعلم
فبرز إليه الأشتر، وهو يقول [الرجز]:
آليت لا أرجع حتّى أضربا ... بسيفي المصقول ضربا معجبا
أنا ابن خير مذحج مركّبا ... من خيرها نفسا وأمّا وأبا
ثمّ شدّ عليه بالرمح ففلق ظهره وقتله ثمّ رجع إلى مكانه، فخرج مالك بن أدهم السلامانيّ وهو يقول [الرجز]:
إنّي منحت صالحا سنانيا ... أجيبه بالرمح إذ دعانيا
لفارس أمنحه طعانيا
ثمّ شدّ على الأشتر، فلمّا رهقه التوى الأشتر على فرسه فإذا هو في بطن الفرس ومار السنان فأخطأه، ثمّ استوى على فرسه وشدّ عليه بالرمح، وهو يقول [الرجز]:
خانك رمح لم يكن خوّانا ... وكان قدما يقتل الفرسانا
لويته لخير ذي قحطانا ... لفارس يخترم الأقرانا [27 ب]
أشتر لا وغلا ولا جبانا
وضربه فقتله، فخرج إليه رياح بن عتيك الغسّاني وهو يقول [الرجز]:
إنّي زعيم مالك بضرب ... بذي غرارين مجتمع القلب
عبل الذراعين شديد الصلب
فخرج إليه الأشتر وهو يقول [الرجز]:
رويد لا تجزع من جلادي ... جلاد شخص جامع الفؤاد
يجيب في الروع دعا المنادي ... يشدّ بالسيف على الأعادي
ثمّ شدّ عليه فقتله، وخرج إبراهيم بن وضّاح اللخميّ، وهو يقول [الرجز]:
هل لك يا أشتر في برازي ... براز ذي غشم وذي اعتزاز
مقاوم لقرنه لزّاز (?)
فخرج الأشتر وقال [الرجز]:
نعم! نعم! أطلبه شهيدا ... معي حسام يقصم الحديدا
يترك هامات العدى حصيدا
وقتله، فخرج زامل بن عتيك الجذاميّ فشدّ