المقفي الكبير (صفحة 1717)

الداعي (?)، فلمّا خرجا من الباب الأوّل ضرب رجل بيده على كمّ الإمام وقال: قد حصلت لي عشرة آلاف دينار.

قال له: وكيف ذاك؟

قال: لأنّك الرجل المطلوب.

فضحك المهديّ وقال لأبي علي الداعي: قدّر هذا الرجل يا أبا علي أنّني ذلك الرجل الذي أريتك إيّاه السّاعة.

ثم ضرب بيده على يد ذلك الرجل الذي ضرب بيده إلى كمّه ودخل معه إلى صدر الجامع وقال له: عليك عهد الله وغليظ ميثاقه أنّني إذا جمعت بينك وبين الرجل الذي تطلبه، كان لي عليك ولصديقي خمسة آلاف دينار؟

ثمّ أخذ بيده وأتى به إلى حلقة قد اجتمع الناس فيها وأدخله من جانبها وفارقه فخرج من الجانب الآخر ولم يلتقوا إلى هذه الغاية.

(قال) وكنت (?) يوما قائما على الجسر بمصر

مع الإمام المهديّ إلى أن سمعت الجرس والنداء عليه: «ألا برئت الذمّة من أحد آوى رجلا من صفته كذا ومن نعته كذا- ووصف صفة المهديّ- ومن أتى به فله عشرة آلاف دينار. حلالا طيّبا».

فقال لي: «يا أبا عليّ، المقام بعد هذا عجز» ثمّ ركب الجسر وسرت معه. وسألته أن أسير معه إلى المغرب. فقال: «على من أدع من لي ههنا؟ » فبكيت، فأنشدني شعر امرئ القيس [الطويل]:

بكى صاحبي لمّا رأى الدرب دونه ... وأيقن أنّا لا حقان بقيصرا

فقلت له: لا تبك عينك إنّما ... نحاول ملكا أو نموت فنعذرا

ثمّ قبّلت يده وفارقته.

وقال غيره: لمّا وصل المهديّ ومعه ولده القائم نزلا بدار ابن طلحة بعقبة بني فليح في سنة تسع وثمانين ومائتين [219 ب].

وقال مؤرّخ القيروان (1*): فلمّا وصل المهديّ إلى مصر في زيّ التجّار كان عامل مصر عيسى النوشريّ. فأتت الكتب إلى عيسى بأن يقبض عليه- وفيها حليته- من جهة الخليفة، وأنّه ممّن يطلب الأمر لنفسه. وكان المهديّ قد خرج من مصر. فلمّا وصل الكتاب إلى النوشريّ فرّق الرسل في طلبه وخرج بنفسه فلحقه، فلمّا رآه لم يشكّ فيه فقبض عليه وأنزله في بستان وأحضر طعاما وسأله أن يأكل معه. فاعتذر بأنّه صائم.

فرقّ له ودعاه في خلوة وقال له: أصدقني على أمرك، فإنّي أتلطّف في خلاصك.

فخوّفه المهديّ من الله وقال له: اتّق الله، فإنّما أنا رجل تاجر ولست أعرف شيئا ممّا تقولونه.

فخلّى سبيله. ويقال إنّه أعطاه مالا أقرّ عينه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015