المقفي الكبير (صفحة 1613)

الحصى حتى هدأ عنهما الحسّ. ثم انصرفا إلى منازلهما، فأتى ابن الزبير رواحله فقعد عليها، وخرج من أدبار داره. ووافاه الحسين للموعد، فخرجا جميعا من ليلتهم وسلكوا طريق الفرع حتّى مرّوا بالجثجاثة، وبها جعفر بن الزبير قد ازدرعها، فانتهوا إليه. فلمّا رآهم قال: أمات معاوية؟

قال له ابن الزبير: نعم. انطلق معنا وأعطنا أحد حمليك- وكان ينضح على حملين له-.

فقال جعفر متمثّلا:

إخوتي لا تبعدوا أبدا ... وبلى والله قد بعدوا (?)

فقال ابن الزبير، وقد تطيّر منها: بفيك التراب!

فخرجوا جميعا حتى قدموا [143 أ] مكّة، وعليها عمرو بن سعيد الأشدق. فلمّا دخلها قال:

أنا عائذ بالبيت وسمّى نفسه العائذ. وقال: أقيم ههنا فأنظر الكعبة وأعوذ بها حتى تنكشف الأمور.

وامتنع من البيعة ليزيد.

ولم يكن يصلّي بصلاتهم، ولا يفيض من عرفة بإفاضتهم، بل كان يقف هو وأصحابه بعرفة ناحية.

فولّى يزيد بن معاوية عمر بن سعيد الأشدق المدينة، وأمره بغزو عبد الله بن الزبير. فبعث إليه جيشا نحو الألفين عليهم عمرو بن الزبير لمخالفته على أخيه عبد الله في عداوته له، وقدّم أمامه أنيس بن عمرو الأسلميّ في عدّة. فنزل أنيس بذي طوى، ونزل عمرو بن الزبير الأبطح. فأرسل عمرو إلى أخيه عبد الله: برّ يمين يزيد، فإنّه حلف أن لا يقبل بيعتك إلّا أن يؤتى بك في جامعة (?) من فضّة في عنقك. ولا تضرب الناس بعضهم ببعض، فإنّك في بلد حرام.

فبعث عبد الله بن الزبير بعبد الله بن صفوان نحو أنيس فيمن معه من أهل مكّة ومن اجتمع إليه فهزمه بذي طوى، وأجهز على جريحهم، وقتل أنيس بن عمرو.

وسار مصعب بن عبد الرحمن إلى عمرو بن الزبير فأجاره. ثمّ أتى عبد الله بن الزبير فقال له:

قد أجرت عمرا.

[انتقام ابن الزبير من أخيه عمرو]

فقال: أتجير من حقوق الناس؟ هذا ما لا يصلح. وما أمرتك أن تجير هذا الفاسق المستحلّ لحرمات الله.

وأخذ عبد الله أخاه عمرا فضربه بكلّ من ضرب وحبسه في سجن عارم (1*)، يرى أنّه أقاد عمرا من كلّ من ضربه إلّا المنذر وابنه محمد بن المنذر بن الزبير فإنّهما أبيا أن يستقيدا منه. فمات عمرو تحت الضرب (2*).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015