فقال له خالد: أنا أكفيك.- فدخل خالد على عبد الملك بن مروان، وابنه الوليد عنده، فقال: يا أمير المؤمنين، الوليد ابن أمير المؤمنين ووليّ عهد المسلمين مرّت به خيل ابن عمّه عبد الله بن يزيد فعبث بها وأصغره- وعبد الملك مطرق.
فرفع رأسه فقال: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ [النمل: 34].
فقال خالد: وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً [الإسراء:
16].
فقال عبد الملك: أفي عبد الله تكلّمني؟ والله لقد دخل عليّ فما أقام لسانه لحنا.
فقال له خالد: فعلى الوليد تقول في اللحن؟
فقال عبد الملك: إن كان الوليد يلحن، فإنّ أخاه سليمان!
فقال خالد: وإن كان عبد الله يلحن، فإنّ أخاه خالد!
فقال الوليد: اسكت يا خالد، فو الله ما تعدّ في العير ولا في النفير!
فقال خالد: اسمع يا أمير المؤمنين! - ثمّ أقبل عليه فقال: ويحك! فمن للعير والنفير غيري؟
جدّي أبو سفيان صاحب العير، وجدّي عتبة بن ربيعة صاحب النفير. ولكن لو قلت: غنيمات وجبيلات والطائف- ورحم الله عثمان! - قلنا:
صدقت (?).
وتزوّج خالد بن يزيد نساء ذوات شرف، منهنّ أمّ كلثوم (?) بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وفيها يقول حين زفّت إليه [طويل]:
[ف] جاءت بها دهم البغال وشهبها ... معتّقه في جوف قزّ مخدّر
مقابلة بين النبيّ محمّد ... وبين عليّ والحواريّ جعفر
منافيّة جاءت بخالص ودّها ... لعبد منافيّ أغرّ مشهّر
ومنهنّ: آمنة- وقيل أمة- بنت سعيد بن العاص بن أميّة. ثمّ طلّقها فتزوّجها الوليد بن عبد الملك. ففي ذلك يقول خالد [طويل]:
كعاب أبوها ذو العصابة وابنه ... وعثمان ما أكفاؤها بكثير
فإن تقبلنها والخلافة، تنقلب ... بأكرم علقي منبر وسرير