الدار. فلمّا كان انطلاقه قال: حاجتك؟
قال: حاجتي عطائي، وثمانية أعبد يعملون في أرضي- وكان عطاؤه أربعة آلاف فأضعفها له مرّات: فأعطاه عشرين ألفا وأربعين عبدا.
وقال ابن سيرين: قدم أبو أيّوب على معاوية فأجلسه معه على السرير. فجعل معاوية يقول:
فعلنا وفعلنا- وأهل الشام حوله. فقال: يا أبا أيّوب، من قتل صاحب الفرس أنذيا يوم كذا؟
قال أبو أيّوب: أنا قتلته إذ أنت وأبوك على الجمل الأحمر، معكما لواء الكفر!
فنكس معاوية رأسه. وتنمّر أهل الشام، فرفع معاوية رأسه وقال: مه! مه! وإلّا فلعمري ما عن هذا سألناك، ولا هذا أردنا منك.
وقال الأعمش عن أبي ظبيان: غزا أبو أيّوب الروم فمرض. فلمّا احتضر قال: إذا متّ فاحملوني، فإذا أصففتم للعدوّ فارموني تحت أقدامكم.
وقال سعيد بن عبد العزيز: أغزى معاوية بابنه يزيد في سنة خمسين في البرّ والبحر حتى أجاز بهم الخليج، وقاتلوا أهل القسطنطينيّة على بابها، ثمّ قفل.
وعن أبي بليان: أتيت مصر فرأيتهم قد قفلوا من غزوتهم، فأخبروني أنّه لمّا كان عند انقضاء مغزاهم بحيث يراهم العدوّ واحتضر أبو أيّوب قال: إن قبضت فاركبوا الخيل ثمّ القوا العدوّ فيردّونكم حتّى لا تجدوا مقدما، فاحفروا لي حينئذ قبرا ثمّ ادفنوني ثمّ سوّوه، ولتطإ الرجال والخيل عليه حتى لا يعرف.- وقيل إنّ يزيد أمر بالخيل فجعلت تقبل وتدبر حتّى عفا أثره (?).
وقد قيل: إنّ الروم قالت للمسلمين في صبيحة دفنهم لأبي أيّوب: لقد كان لكم الليلة شأن؟
فقالوا: هذا رجل من أكابر أصحاب نبيّنا صلّى الله عليه وسلم وأقدمهم إسلاما. وقد دفنّاه حيث رأيتم. والله لئن نبش لا ضرب لكم بناقوس في أرض العرب ما كانت لنا مملكة- قال مجاهد: فكانوا إذا أمحلوا كشفوا عن قبره فمطروا.
وقال مالك: بلغني عن قبر أبي أيّوب أنّ الروم يستفلحون به ويستسقون.
وقال الواقديّ: توفّي سنة ثنتين وخمسين، وصلّى عليه يزيد بن معاوية. وقبر [هـ] بأصل حصن القسطنطينيّة. ولقد بلغني أنّ الروم يتعاهدون قبره ويستسقون به.
وقال أبو عبد الله الحسين بن نصر بن مزاحم المنقريّ في كتاب صفّين (?): وكتب معاوية إلى أبي أيّوب: حاجيتك: ما تنسى شيباء أبا عذرتها ولا قاتل بكرها.
فلم يدر ما هو، فأتى عليّا رضي الله عنه، فقال:
يا أمير المؤمنين، إنّ معاوية كتب إليّ بكتاب لا أدري [427 أ] ما هو!
فقال عليّ: أرن [يه].
فأتاه به. فقال: هذا مثل ضربه. يقول: لا تنسى شيباء- والشيباء العروس أوّل ما يدخل بها زوجها الذي أخذ عذرتها: كذلك لا أنسى قتلة عثمان.