المقفي الكبير (صفحة 1322)

يسدّده في القضاء ويصونه في المنطق ويسدّده.

فأجمع رأيهم على الليث بن سعد. وجمع حوثرة الجند إلى المسجد وخطبهم بشعر بلعاء (?) بن قيس [الطويل]:

دعوت أبا ليلى إلى الصلح كي يبو ... برأي أصيل أو يردّ إلى حلم (?)

دعاني لشبّ الحرب بيني وبينه ... فقلت له: مهلا، هلمّ إلى السلم

وبعث الخيل في طلب رؤساء الفتنة ووجوههم. فجمع عامّتهم وضرب عنق رجاء بن الأشيم [الحميريّ] (?) في عدّة، لثنتي عشرة بقيت من المحرّم. وعزل خير بن نعيم عن القضاء، وفرض لشيعة مروان ومن كان يكاتبه، وصافى الخاصّة، وفرض لزيان بن عبد العزيز في بني أميّة ألفا، وفي قيس ألفا، وفرض لجماعة، وعقد لمحمّد بن [409 ب] زيان بن عبد العزيز على الجند وأنفذ معه أهل الديوان إلى العريش، فطلبوا ثابت ابن نعيم الجذاميّ حتى أسروه وبعثوا به إلى مروان [بن محمد]. ثمّ قتل حفص بن الوليد، ويزيد بن موسى بن وردان لليلتين من شوّال.

وقدم داعية عبد الله بن يحيى طالب الحقّ أحد الخوارج إلى مصر ودعا إليه فبايعه أناس من تجيب وغيرهم. فاستخرجهم حسّان بن عتاهية، فقتلهم حوثرة.

ثمّ صرف حوثرة عن مصر في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين ومائة، وبعث به مروان مددا

إلى يزيد بن عمر بن هبيرة بالعراق. فاستخلف على مصر حسّان بن عتاهية- وقيل: بل [422 ب] استخلف أبا الجرّاح بشر بن أوس- وخرج من مصر لعشر خلون من رجب سنة إحدى وثلاثين.

وكانت ولايته على مصر ثلاث سنين وستّة أشهر.

ولحق حوثرة بابن هبيرة فسار معه يريد محاربة قحطبة بن شبيب أحد دعاة بني العبّاس، وقد استولى على عامّة أنعامه ونزل جلولاء. فأقبل إليه قحطبة وعبر دجلة ونزل دون الأنبار. فقدّم ابن هبيرة حوثرة في خمسة عشر ألفا إلى الكوفة فارتحل في أثره- وقيل: إنّ حوثرة لم يفارق ابن هبيرة.

وقيل: إنّ مروان لمّا استبطأ ابن هبيرة في مناجزته قحطبة كتب إليه: كأنّك لا ترى أنّ زامل بن عمرو قبلي، فو الله ما أعلم مكان عربيّ على وجه الأرض لو كانت الخلافة تصلح له أولى بها منه (?).

فقال ابن هبيرة: يرحم الله أمير المؤمنين: ما يدع المحسن حتّى يسيء!

فبعث مروان الحوثرة على العراق وقال له: لا تظهر عهدك حتى تقدم على يزيد، فإنّي أخاف أن يمتنع عليك. فخرج وهو لا يشكّ في العراق أنّه قد وليها فكان إذا كتب إلى يزيد بن هبيرة يبدأ بنفسه.

فبلغ ذلك مروان فكتب إليه: بلغني كتابك إلى يزيد وأنّك بدأت بنفسك. فإذا جاءك كتابي هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015