المقفي الكبير (صفحة 1264)

فقالت: كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتختصمون.

قال: الحمد لله الذي قتلكم وأكذب حديثكم.

فقالت: الحمد لله الذي أكرمنا بمحمّد وطهّرنا تطهيرا.

(وفي رواية: الحمد لله الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم).

وقال: قد شفى الله نفسي من طاغيتك وأهل بيتك.

فبكت وقالت: لعمري، لقد قتلت كهلي، وأبدت أهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي.

فإن يشفك هذا فقد اشتفيت.

فقال: هذه سجّاعة، وقد كان أبوها شاعرا سجّاعا.

فقالت: ما لي وللسجاعة؟ إنّ لي لشغلا، ولكن نفثي (?) ما أقول.

فلمّا وضعت الرءوس بين يدي ابن زياد، جعل يضرب بقضيب معه على في الحسين وهو يقول [الطويل]:

يفلّقن هاما من رجال أعزّة ... علينا، وهم كانوا أعقّ وأظلما (?)

فقال له زيد بن أرقم: لو نحّيت هذا القضيب، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يضع فاه على موضع هذا القضيب.

وقالت حفصة بنت سيرين عن أنس بن مالك:

جيء برأس الحسين إلى ابن زياد. فقال: ما رأيت مثل هذا حسنا.

قلت له: أما إنّه كان أشبههم برسول الله صلّى الله عليه وسلم.

وقال أنس بن مالك: شهدت عبيد الله بن زياد حيث أتى برأس الحسين. فجعل ينكت بقضيب معه على أسنانه ويقول: إنه كان لحسن الثغر.

(قال: فقلت: والله لأسوأنّك! ) فقلت: أما إنّي قد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقبّل موضع قضيبك من فيه.

فأمر ابن زياد برأس الحسين فنصب على خشبة.

قال الشعبيّ: رأس الحسين أوّل رأس حمل في الإسلام.

وأمر ابن زياد بحبس من قدم به عليه من بقيّة أهل الحسين معه في القصر.

فقال ذكوان أبو خالد: خلّ بيني وبين هذه الرءوس فأدفنها.

ففعل. فكفّنها ودفنها بالجبّانة. وركب إلى أجسادهم فكفّنهم ودفنهم.

قال المسعوديّ: ودفن أهل الغاضريّة- وهم قوم من بني أسد- الحسين وأصحابه بعد قتلهم بيوم (?).

وأقبل عمر بن سعد فدخل الكوفة وقال: ما رجع رجل إلى [501 أ] أهله بشرّ ممّا رجعت به:

أطعت ابن زياد، وعصيت الله، وقطعت الرحم.

وقدم رسول يزيد بن معاوية يأمر ابن زياد أن يرسل إليه بثقل الحسين، ومن بقي من ولده وأهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015