فقالت: كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتختصمون.
قال: الحمد لله الذي قتلكم وأكذب حديثكم.
فقالت: الحمد لله الذي أكرمنا بمحمّد وطهّرنا تطهيرا.
(وفي رواية: الحمد لله الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم).
وقال: قد شفى الله نفسي من طاغيتك وأهل بيتك.
فبكت وقالت: لعمري، لقد قتلت كهلي، وأبدت أهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي.
فإن يشفك هذا فقد اشتفيت.
فقال: هذه سجّاعة، وقد كان أبوها شاعرا سجّاعا.
فقالت: ما لي وللسجاعة؟ إنّ لي لشغلا، ولكن نفثي (?) ما أقول.
فلمّا وضعت الرءوس بين يدي ابن زياد، جعل يضرب بقضيب معه على في الحسين وهو يقول [الطويل]:
يفلّقن هاما من رجال أعزّة ... علينا، وهم كانوا أعقّ وأظلما (?)
فقال له زيد بن أرقم: لو نحّيت هذا القضيب، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يضع فاه على موضع هذا القضيب.
وقالت حفصة بنت سيرين عن أنس بن مالك:
جيء برأس الحسين إلى ابن زياد. فقال: ما رأيت مثل هذا حسنا.
قلت له: أما إنّه كان أشبههم برسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وقال أنس بن مالك: شهدت عبيد الله بن زياد حيث أتى برأس الحسين. فجعل ينكت بقضيب معه على أسنانه ويقول: إنه كان لحسن الثغر.
(قال: فقلت: والله لأسوأنّك! ) فقلت: أما إنّي قد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقبّل موضع قضيبك من فيه.
فأمر ابن زياد برأس الحسين فنصب على خشبة.
قال الشعبيّ: رأس الحسين أوّل رأس حمل في الإسلام.
وأمر ابن زياد بحبس من قدم به عليه من بقيّة أهل الحسين معه في القصر.
فقال ذكوان أبو خالد: خلّ بيني وبين هذه الرءوس فأدفنها.
ففعل. فكفّنها ودفنها بالجبّانة. وركب إلى أجسادهم فكفّنهم ودفنهم.
قال المسعوديّ: ودفن أهل الغاضريّة- وهم قوم من بني أسد- الحسين وأصحابه بعد قتلهم بيوم (?).
وأقبل عمر بن سعد فدخل الكوفة وقال: ما رجع رجل إلى [501 أ] أهله بشرّ ممّا رجعت به:
أطعت ابن زياد، وعصيت الله، وقطعت الرحم.
وقدم رسول يزيد بن معاوية يأمر ابن زياد أن يرسل إليه بثقل الحسين، ومن بقي من ولده وأهل