كان لا بدّ لك من أن تبقى جويريّة.
فقال: ما أحبّ أن أصير ضرّة لعائشة (رضي الله عنها).
وأتاه يوما غلام بفرخ وقال: انظر هذا الفرخ، ما أشبهه بأمّه!
فقال: أمّه ذكر أو أنثى؟
وبنى ابنه دارا وأتقنها، ثمّ أدخله إليها ليراها وقال: انظر يا أبه هل ترى فيها عيبا؟
فطاف بها، ودخل المستراح فاستحسنه ثمّ قال:
فيه عيب: وهو أنّ بابه ضيّق لا تدخل منه المائدة.
وكتب إلى وكيله أن يحمل له مائة منّ قطنا.
فحملها إليه فلمّا حلجها استقلّها وكتب إليه: إنّ هذا لم يجئ منه إلّا الربع. فلا تزرع بعدها قطنا إلّا بغير حبّ، ويكون محلوجا أيضا.
وقال يوما لصديقه: وحياتك الذي لا إلا إلّا هو!
وتردّد إلى بعض النحاة ليصلح لسانه، فقال له بعد مدّة: الفرس بالسين أو بالصين؟
وقال: قمت البارحة إلى المستراح وقد طفئ القنديل، فما زلت أتلمّظ المقعدة حتى وجدتها.
وانشقّ له كنيف فقال لغلامه: بادر أحضر من يصلحه لنتغدّى به قبل أن يتعشّى بنا.
وطلب يوما من البستانيّ الذي له، بصلا بخلّ، فأحضر إليه بصلا، فقال له: لأيّ شيء ما تزرعه بخلّ؟
الحسين بن عليّ بن بشر، أبو القاسم، الكاتب [ ... ].
... ومن شعره، وقد سمع قوما يذمّون كافور الإخشيديّ بعد موته، وكان يحسن إلى جميعهم، فقال، وعرّض ببخل الوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل ابن الفرات [الوافر]:
لقد كفرت صنائعك اللواتي ... عممن فما خصصت بها شكورا
وما خلّفت يا كافور منهم ... لما أوليته إلّا كفورا
ألا قل للّذين رموك ظلما ... ببخل: قلتم كذبا وزورا
يسير البرّ كان كما ذكرتم ... فهاتوا غيره يعطي اليسيرا
سيذكر فعله العافي فيبكي ... إذا استجدى أبا الفضل الوزيرا 5
حسين بن عبد الوهّاب بن حسن بن بركات بن علي بن المهلّب، البهنسيّ، القاضي سديد الدين، أبو عليّ، ابن السديد أبي القاسم، الحلبيّ.
سمع من أبي الحسين [محمد بن أحمد] بن خير [البلنسيّ]، وتفقّه، ودرّس، وناب في الحكم عن العماد ابن السكريّ (?)، ثمّ ترك. وكان وقورا ورعا نزها فاضلا صالحا له شهرة.
ومات في أوّل شعبان سنة ثماني عشرة وستّمائة.