المقفي الكبير (صفحة 1025)

إلى من بالعراق من المؤمنين [322 ب] والمسلمين، سلام عليكم.

فلم يقل أحد شيئا. فقال الحجّاج من فوق المنبر: اسكت يا غلام (?)! يا أهل الفرقة، أيسلّم عليكم أمير المؤمنين، ثمّ لا تردّون عليه السلام؟

هذا أدب ابن نهية (?). أما والله لأؤدّبنّكم أدبا غير هذا أو لتستيقمنّ على الحقّ! يا غلام، اقرأ!

فلمّا بلغ الكاتب إلى «سلام الله عليكم»، قال من في المسجد: وعلى أمير المؤمنين السلام ورحمة الله وبركته.

ثمّ نزل الحجّاج عن المنبر ودخل منزله، وقال لوجوه النّاس: ما كانت الولاة قبل تفعل بالعصاة؟

فقالوا: كانت تضرب وتحبس.

فقال: ولكن ليس لهم عندي إلّا السيف. إنّ المسلمين لو لم يغزوا المشركين لغزاهم المشركون، ولو ساغت المعصية لأهلها ما قتل عدوّ، ولا جبي فيء، ولا عزّ دين.

[دفعه الناس إلى حرب الخوارج]

ثمّ جلس لتوجيه الناس، فقال: قد أمهلتكم ثلاثا. وأقسم بالله لا يتخلّف أحد بعدها من أهل الثغور إلّا قتلته.

فلمّا كان اليوم الثالث قام عمير بن ضابئ، فقال: أصلح الله الأمير. إنّي شيخ كبير زمن، وقد خرج اسمي في هذا البعث، ولي ابن أجلد منّي في الأسفار وأقوى على الحرب، فإن رأى الأمير أن

يأمر بإشخاصه مكاني، فعل.

قال: ومن أنت؟

قال: أنا عمير بن ضابئ.

قال: أو من هذا البعث أنت؟

قال: نعم.

قال: أوقبضت عطاءك؟

قال: نعم.

قال: أو سمعت مقالتنا على المنبر؟

قال: نعم.

قال: أو كان أبوك فيمن قاتل أمير المؤمنين عثمان؟

قال: لا.

قال: كذبت! أو ليس أبوك الذي يقول (?) [الطويل]:

هممت ولم أفعل، وكدت، وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله!

لعمري إنّ في قتلك أيّها الشيخ لصلاح المصرين، اضربن يا حرسيّ عنق الشيخ عندك! فإذا رأيته بين رجليه، فذلك حيث يقول عبد الله بن الزّبير (?) الأسديّ [الطويل]:

أقول لإبراهيم لمّا لقيته ... أرى الأمر أمسى مهلكا متشعّبا

تجهّز فإمّا أن تزور ابن ضابئ ... عميرا، وإمّا أن تزور المهلّبا

هما خطّتا خسف نجاؤك منهما ... ركوبك حوليّا من الثّلج أشهبا

فما إن أرى الحجّاج يغمد سيفه ... مدى الدهر حتى يترك الطفل أشيبا

5 فأضحى، ولو كانت خراسان دونه ... رآها مكان السوق أو هي أقربا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015