قَالَ: بَلَى.
قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى.
قَالَ: فَعَلامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمْ يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا.
فَنَزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ بِالْفَتْحِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَأَقْرَأَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» .
قَالَ: فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ وَرَجَعَ النَّاسُ.
ثُمَّ إِنَّهُمْ خَرَجُوا بَحْرًا وَرَاءَ أُولَئِكَ الْعِصَابَةِ مِنَ الْخَوَارِجِ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ يُنْشِدُهُمُ اللَّهَ.
فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَأَتَاهُمْ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ فَأَنْشَدَهُمْ.
وَقَالَ: عَلامَ تُقَاتِلُونَ خَلِيفَتَكُمْ؟ قَالُوا: مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ.
قَالَ: فَلا تُعَجِّلُوا ضَلالَةَ الْعَامِ مَخَافَةَ فِتْنَةِ عَامٍ قَابِلٍ.
فَرَجَعُوا وَقَالُوا: نَسِيرُ عَلَى مَا جِئْنَا، فَإِنْ قَبِلَ عَلِيٌّ الْقَضِيَّةَ قَاتَلْنَا عَلَى مَا قَاتَلْنَا يَوْمَ صِفِّينَ وَإِنْ نَقَضَهَا قَاتَلْنَا مَعَهُ.
فَسَارُوا حَتَّى بَلَغُوا النَّهْرَوَانَ فَافْتَرَقَتْ مِنْهُمْ فِرْقَةٌ فَجَعَلُوا يَهْدُونَ النَّاسَ لَيْلا.
قَالَ أَصْحَابُهُمْ: وَيْلَكُمْ.
مَا عَلَى هَذَا فَارَقْنَا عَلِيًّا، فَبَلَغَ عَلِيًّا أَمْرُهُمْ فَقَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ أَنَسِيرُ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ أَمْ نَرْجِعُ إِلَى هَؤُلاءِ الَّذِينَ خُلِّفُوا إِلَى ذَرَارِيِّكُمْ؟ قَالُوا: فَلِمَ تَرْجِعُ فَذَكَرَ أَمْرَهُمْ فَحَدَّثَ عَنْهُمْ بِمَا قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِرْقَةً تَخْرُجُ عِنْدَ اخْتِلافٍ مِنَ النَّاسِ تَقْتُلُهُمْ أَقْرَبُ الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ عَلامَتُهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَدُهُ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ» .