قَالَ أَبِي: فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: كُنْتُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا - قَالَ: لا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ -.
قَالَ: فَمَرَرْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: مَنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ خَرَجُوا قَبْلَكُمْ يُقَالَ لَهُمْ: الْحَرُورِيَّةُ؟ قَالَ: قُلْتُ فِي مَكَانٍ يُقَالَ لَهُ: حَرُورَاءُ.
قَالَ: فَسُمُّوا بِذَلِكَ الْحَرُورِيَّةُ.
فَقَالَتْ: طُوبَى لِمَنْ شَهِدَ هَلَكَتَهُمْ.
قَالَتْ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ سَأَلْتُمْ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ لأَخْبَرَكُمْ خَبَرَهُمْ فَمِنْ ثَمَّ جِئْتُ أَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ.
قَالَ: وَفَرَغَ عَلِيٌّ فَقَالَ: أَيْنَ الْمُسْتَأْذِنُ؟ فَقَامَ عَلَيْهِ فَقَصَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا قَصَّ عَلَيَّ.
قَالَ: فَأَهَلَّ عَلِيٌّ ثَلاثًا ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ إِلا عَائِشَةَ قَالَ: فَقَالَ لِي: «يَا عَلِيُّ كَيْفَ أَنْتَ وَقَوْمٌ يَخْرُجُونَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا» .
أَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ: «يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ أَوْ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ فِيهِمْ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ كَأَنَّ يَدَهُ ثَدْيُ حَبَشِيَّةٍ» .
ثُمَّ قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ أَحَدَّثْتُكُمْ أَنَّهُ فِيهِمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ.
فَذَهَبْتُمْ فَالْتَمَسْتُمُوهُ ثُمَّ جِئْتُمْ بِهِ تَسْحَبُونَهُ كَمَا نُعِتَ لَكُمْ.
قَالَ: ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - ثَلاثَ مَرَّاتٍ -.