الْكُلية بحركتها الْمقدرَة المحسوبة إِلَى مسبباتها المعدودة المحدودة بِقدر مَعْلُوم لَا يزِيد وَلَا ينقص وَلذَلِك لَا يخرج عَن قَضَائِهِ وَقدره شَيْء
وَلَا تفهم ذَلِك إِلَّا بمثال ولعلك شاهدت صندوق السَّاعَات الَّتِي بهَا يتعرف أَوْقَات الصَّلَوَات وَإِن لم تشاهده فجملة ذَلِك أَنه لَا بُد فِيهِ من آلَة على شكل أسطوانة تحوي مِقْدَارًا من المَاء مَعْلُوما وَآلَة أُخْرَى مجوفة مَوْضُوعَة فِيهَا فَوق المَاء وخيط مشدود أحد طَرفَيْهِ فِي هَذِه الْآلَة المجوفة وطرفه الآخر فِي أَسْفَل ظرف صَغِير مَوْضُوع فَوق الأسطوانة المجوفة وَفِيه كره وَتَحْته طاس بِحَيْثُ لَو سَقَطت الكرة وَقعت فِي الطاس وَسمع طنينها ثمَّ يثقب أَسْفَل الْآلَة الأسطوانية ثقب بِقدر مَعْلُوم ينزل المَاء مِنْهُ قَلِيلا قَلِيلا فَإِذا انخفض المَاء انخفضت الْآلَة المجوفة الْمَوْضُوعَة على وَجه المَاء فامتد الْخَيط المشدود بهَا فحرك الظّرْف الَّذِي فِيهِ الكره تحريكا يقربهُ من الانتكاس إِلَى أَن ينتكس فتتدحرج مِنْهُ الكرة وَتَقَع فِي الطاس وتطن وَعند انْقِضَاء كل سَاعَة تقع وَاحِدَة
وَإِنَّمَا يتَقَدَّر الْفَصْل بَين الوقعتين بِتَقْدِير خُرُوج المَاء وانخفاضه وَذَلِكَ بِتَقْدِير سَعَة الثقب الَّذِي يخرج مِنْهُ المَاء وَيعرف ذَلِك بطرِيق الْحساب
فَيكون نزل المَاء بِمِقْدَار مُقَدّر مَعْلُوم بِسَبَب تَقْدِير سَعَة الثقب بِقدر مَعْلُوم
وَيكون انخفاض أَعلَى المَاء بذلك الْمِقْدَار وَبِه يتَقَدَّر انخفاض الْآلَة المجوفة وانجرار الْخَيط المشدود بهَا وتولد الْحَرَكَة فِي الظّرْف الَّذِي فِيهِ الكرة وكل ذَلِك يتَقَدَّر بتقدر سَببه لَا يزِيد وَلَا ينقص وَيُمكن أَن يَجْعَل وُقُوع الكرة فِي الطاس سَببا لحركة أُخْرَى وَتَكون الْحَرَكَة الْأُخْرَى سَببا لحركة ثَالِثَة وَهَكَذَا إِلَى دَرَجَات كَثِيرَة حَتَّى تتولد مِنْهُ حركات عَجِيبَة مقدرَة بمقادير محدودة
وسببها الأول نزُول المَاء بِقدر مَعْلُوم
فَإِذا تصورت هَذِه الصُّورَة فَاعْلَم أَن واضعها يحْتَاج إِلَى ثَلَاثَة أُمُور