وَبنى حوله حصنا حصينا فقد أَفَادَهُ أمنا وأمانا فالبحري أَن يُسمى مُؤمنا فِي حَقه
وَالْعَبْد ضَعِيف فِي أصل فطرته وَهُوَ عرضة الْأَمْرَاض والجوع والعطش من بَاطِنه وعرضة الْآفَات المحرقة والمغرقة والجارحة والكاسرة من ظَاهره وَلم يُؤمنهُ من هَذِه المخاوف إِلَّا الَّذِي أعد الْأَدْوِيَة نافعة ورافعة لأمراضه والأطعمة مزيلة لجوعه والأشربة مميطة لعطشه والأعضاء دافعة عَن بدنه والحواس جواسيس منذرة بِمَا يقرب من مهلكاته ثمَّ خَوفه الْأَعْظَم من هَلَاك الْآخِرَة وَلَا يحصنه عَنهُ إِلَّا كلمة التَّوْحِيد وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هاديه إِلَيْهَا ومرغبه فِيهَا حَيْثُ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله حصني فَمن دخل حصني أَمن عَذَابي فَلَا أَمن فِي الْعَالم إِلَّا وَهُوَ مُسْتَفَاد بِأَسْبَاب هُوَ متفرد بخلقها وَالْهِدَايَة إِلَى اسْتِعْمَالهَا فَهُوَ الَّذِي أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى فَهُوَ الْمُؤمن الْمُطلق حَقًا تَنْبِيه حَظّ العَبْد من هَذَا الِاسْم وَالْوَصْف أَن يَأْمَن الْخلق كلهم جَانِبه بل يَرْجُو كل خَائِف الاعتضاد بِهِ فِي دفع الْهَلَاك عَن نَفسه فِي دينه ودنياه كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فليأمن جَاره بوائقه وأحق الْعباد باسم الْمُؤمن من كَانَ سَببا لأمن الْخلق من عَذَاب الله بالهداية إِلَى طَرِيق الله عز وَجل والإرشاد إِلَى سَبِيل النجَاة وَهَذِه حِرْفَة الْأَنْبِيَاء وَالْعُلَمَاء