وَالشرَاب الحلو مثلا فَنَقُول لَهُ أما تعرف أَن السكر لذيذ فَإنَّك تَجِد عِنْد تنَاوله حَالَة طيبَة وتحس فِي نَفسك رَاحَة قَالَ نعم قُلْنَا فالجماع أَيْضا كَذَلِك أفترى أَن هَذَا يفهمهُ حَقِيقَة لَذَّة الْجِمَاع كَمَا هِيَ حَتَّى ينزل فِي مَعْرفَته منزلَة من ذاق تِلْكَ اللَّذَّة وأدركها هَيْهَات إِنَّمَا غَايَة هَذَا الْوَصْف إِيهَام وتشبيه خطأ وتفهيم ومشاركة فِي الِاسْم
أما الْإِيهَام فَهُوَ أَنه يتَوَهَّم أَن ذَلِك أَمر طيب على الْجُمْلَة وَأما التَّشْبِيه فَهُوَ أَنه يُشبههُ بحلاوة السكر وَهُوَ خطأ إِذْ لَا مُنَاسبَة بَين حلاوة السكر وَلَذَّة الوقاع وَأما الْمُشَاركَة فِي الِاسْم فَهُوَ أَنه يعلم أَنه مُسْتَحقّ أَن يُسمى لَذَّة وَمهما ظَهرت الشَّهْوَة وذاق علم قطعا أَنه لَا يُشبههُ حلاوة السكر وَأَن مَا كَانَ توهمه لم يكن على الْوَجْه الَّذِي توهمه نعم يعلم أَن الَّذِي كَانَ قد سمع من اسْمه وَصفته وَأَنه لذيذ وَطيب كَانَ صَادِقا بل كَانَ أصدق عَلَيْهِ مِنْهُ على حلاوة السكر
فَكَذَلِك لمعْرِفَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سبيلان أَحدهمَا قَاصِر وَالْآخر مسدود
أما الْقَاصِر فَهُوَ ذكر الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَطَرِيقَة التَّشْبِيه بِمَا عَرفْنَاهُ من أَنْفُسنَا فَإنَّا لما عرفنَا أَنْفُسنَا قَادِرين عَالمين أَحيَاء متكلمين ثمَّ سمعنَا ذَلِك فِي أَوْصَاف الله عز وَجل أَو عَرفْنَاهُ بِالدَّلِيلِ فهمناه فهما قاصرا كفهم الْعنين لَذَّة الوقاع بِمَا يُوصف لَهُ من لَذَّة السكر بل حياتنا وقدرتنا وَعلمنَا أبعد من حَيَاة الله عز وَجل وَقدرته وَعلمه من حلاوة السكر من لَذَّة الوقاع بل لَا مُنَاسبَة بَين البعيدين وَفَائِدَة تَعْرِيف الله عز وَجل بِهَذِهِ الْأَوْصَاف أَيْضا إِيهَام وتشبيه ومشاركة فِي الِاسْم لَكِن يقطع التَّشْبِيه بِأَن يُقَال لَيْسَ كمثله شَيْء فَهُوَ حَيّ لَا كالأحياء وقادر لَا كالقادرين كَمَا تَقول الوقاع لذيذ كالسكر وَلَكِن تِلْكَ اللَّذَّة لَا تشبه هَذِه الْبَتَّةَ وَلَكِن تشاركها فِي الِاسْم