عبارة عن وجوب ضمانه على المرتهن وأما ما احتجوا به من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يغلق الرهن»، وقالوا معناه أن الحق لا يسقط بتلفه؛ فلا يصح لأن هذه دعوى في التأويل، وإنما معناه أنه لا يستحق بتعذر أداء الحق على ما كانت الجاهلية تفعله. واحتجوا أيضا بقوله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرهن من راهنه، له غنمه وعليه غرمه» أي منه تلفه وعطبه؛ وهذا مخصوص فيما يظهر هلاكه، بدليل ما قدمناه فلا حجة لهم فيه.
وأجمع أهل العلم على أن المرتهن ليس له الانتفاع بشيء من الرهن فيما سوى الحيوان، واختلفوا في الحيوان: فقالت طائفة من أهل العلم إذا كان الرهن حيوانا- شاة أو بقرة أو غير ذلك، فله أن يحتلب الشاة والبقرة، ويركب الحمار بقدر ما يعلفه؛ واحتجوا بحديث أبي هريرة عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال: «الرهن يحلب ويركب بقدر نفقته ". وعلى الذي يحلب ويركب نفقته» وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه؛ وقال جمهور أهل العلم ليس له أن ينتفع بشيء من الرهن- حيوانا كان، أو غيره- وهو قول مالك والشافعي، وقال الشافعي معنى قول أبي هريرة الرهن محلوب ومركوب بنفقته. أن الراهن هو الذي يركبه ويعلفه؛ لأنه ملكه لا المرتهن؛ واحتج هو وغيره بحديث ابن عمر عن النبي- عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال: «لا يحتلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه».
فصل
فإذا قلنا إن المرتهن ليس له من نماء الرهن ولا من غلته شيء، فهل يدخل ذلك في الرهن أم لا- في ذلك تفصيل، وذلك أن النماء على ضربين؛ نماء متميز عن الرهن، ونماء غير متميز عنه، فأما ما كان غير متميز عن الرهن، فلا خلاف أنه يدخل في الرهن وذلك كسمن الدابة والجارية، وكبر الصغير وما أشبه