فعله ممن لا يجوز في الأبكار وغيرهن، فنرجع الآن إلى ذكر القول في أحكام أفعال من لا تجوز أفعاله من السفهاء البالغين، إذ قد تقدم القول في أحكام أفعال الصبيان؛ فنذكر من ذلك ما أمكن ذكره وحضر حفظه على شرط الإيجاز والاختصار، وترك التطويل والإكثار- إن شاء الله، وهو المستعان.

اعلم- وفقنا الله وإياك أن السفيه البالغ يلزمه جميع حقوق الله التي أوجبها الله على عباده في بدنه وماله، ويلزمه ما وجب في بدنه من حد أو قصاص، ويلزمه الطلاق- كان بيمين حنث فيها أو بغير يمين، وكذلك الظهار وينظر له وليه فيه بوجه النظر، فإن رأى أن يعتق عنه ويمسك عليه زوجته فعل، وإن رأى ألا يعتق عنه - وإن آل ذلك إلى الفراق بينهما، كان ذلك له ولا يجزيه الصيام ولا الإطعام إذا كان له من المال ما يحمل عتق رقبة، وقال محمد بن المواز إذا لم ير له وليه أن يكفر عنه بالعتق فله هو أن يكفر بالصيام.

ولا يطلق عليه في مذهبه إلا بعد أن يضرب له أجل الإيلاء- إذا طلبت امرأته ذلك؛ لأن له أن يكفر بالصيام، وعلى القول الأول تطلق عليه من غير أن يضرب له أجل الإيلاء إذا رفعت المرأة ذلك، وهو قول أصبغ ولا حد في ذلك عند ابن القاسم؛ وقال ابن كنانة لا يعتق عنه وليه إلا في أول مرة، فإن عاد إلى الظهار لم يعتق عنه؛ لأن المرة الواحدة تأتي على الحليم والسفيه، وإلى هذا ذهب محمد بن المواز؛ وأما الإيلاء فإن دخل عليه بسبب يمين بالطلاق وهو فيها على حنث، أو بسبب امتناع وليه عن أن يكفر عنه في الظهار لزمه، وأما إن كان حلف على ترك الوطء، فينظر إلى يمينه: فإن كانت بعتق أو صدقة أو ما أشبه ذلك مما لا يجوز له فعله ويحجر عليه في ذلك وليه، لم يلزمه به إيلاء، وإن كانت بالله تعالى، لزمه الإيلاء- إن لم يكن له مال، ولم يلزمه إن كان له مال، وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015